معنى التهليل و التكبير و التحميد

معنى التهليل والتكبير والتحميد – الذكر له شأن كبير في حياة المؤمن، كيف لا وقد ورد الذكر في ثلاثمئة آية في القرآن الكريم، كل هذه الآيات تؤكد أنه ينبغي أن يدور مع الإنسان في كل شؤونه، وفي كل أحواله، وفي كل أطواره، لأن الذكر عبادة القلب، الصلاة عبادة الجوارح، لكن الذكر عبادة القلب، بل إن الصلاة من أجل الذكر: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) [سورة طه الآية: 14].

ولابد للانسان من شكر الله تعالى على نعمه الكثيرة، ويجب على الانسان المسلم ذكر الله كثيرا في كل وقت و مكان وهي من ابسط الامور التي يستطيع الانسان فعلها لشكر الله عز وجل على نعمة الكثيرة، كما ان الصلوات الخمس من مبادئها أن يذكر الانسان ربه وهي امر تعلمناها من القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة، ففي الصلاة لا بد من التهليل و التكبير و التحميد، فما التهليل و ما التكبير وما التحميد ؟

معنى التهليل والتكبير والتحميد:

ما هو التهليل؟

التهليل اصطلاحا هو ان يرفع المسلم صوته او يخفيه بقول لا اله الا الله، ففي هذة الكلمات يذكر الانسان ربه ويؤمن بأن الله واحد لا شريك له وان الله قادر على كل شيء، وقد ذكر التهليل في عدة ايات من القرآن الكريم ومنها:

– قول الله تعالى: ( كَذَٰلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَٰنِ ۚ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ ).

– وقول الله تعالى: ( إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ).

– وقول الله عز وجل: ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ).

ما هو التكبير؟

يعرف التكبير اصطلاحا بأنه تعظيم الله تعالى وأنه لا مثيل له وأن الله عز وجل خلق الكائنات، وهو مصطلح يقوم على مبدأ تعظيم الله عز وجل، والتكبير تم ذكره ايضا في عدد من ايات القرآن الكريم منها:

– قول الله تعالى: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ).

– وقول الله تعالى: ( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ).

ما هو التحميد؟

لا بد للانسان من حمد الله تعالى وشكره على نعمة التي انعم عليه بها، فبالتحميد وشكر الله يزداد رزق المؤمن ويعطيه الله من الخيرات ما لا يعد ولا يحصى، وقد ذكر التحميد ايضا في القرآن الكريم بعدة ايات منها:

– قول الله تعالى: (وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).

– قول الله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ).

– وقول الله عز وجل: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ).

فضل ذكر الله تعالى:

جاء رجلٌ يشكو إلى رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – كثرة شرائع الإسلام عليه، ويَطلب منه إرشاده إلى ما يَتمسَّك به؛ ليصلَ به إلى الجنَّة، فبماذا أجابَه الحبيب – صلى الله عليه وسلم؟ عن عبدالله بن عمر – رضي الله تعالى عنهما – أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله، إنَّ أبواب الخير كثيرة، ولا أستطيع القيام بكلِّها؛ فأخبرني بما شِئت أتشبَّث به ولا تُكثر عليّ فأنسى، وفي رواية: إنَّ شرائع الإسلام قد كَثُرت عليَّ، وأنا قد كَبِرت؛ فأخبِرْني بشيء أتشبَّث به، قال: ((لا يزال لسانك رطبًا بذِكر الله تعالى))؛ أخرَجه الترمذي.

وإنَّ المتأمِّل في نصوص الكتاب والسُّنة، لَيرَى عجبًا في بيان أهميَّة الإكثار من ذِكر الله تعالى، ففي الجِهاد في سبيل الله وحال مُلاقاة الأعداء، يأمر الله تعالى بالثبات وبالإكثار من ذِكره؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأنفال: 45].

وبعد أداء الصَّلاة التي هي من أعظم العبادات، يوصي ربُّنا بذكره؛ ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ ﴾ [النساء: 103].

وبعد أداء صلاة الجمعة يوصينا ربُّنا؛ ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10].

وفي مناسك الحج يأتي الأمر بذِكر الله في ثنايا أعمال الحجيج؛ ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ﴾ [البقرة: 200].

وبالجملة: يوصينا ربُّنا – سبحانه – بالإكثار من ذِكره، فيقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الأحزاب: 41 – 42].

ومَن أراد مضاعفة الحسنات، فعليه بذِكر الله، تأمَّلوا – بارَك الله فيكم – هذه الفضائل المتعلقة بذِكر الله تعالى، والمقصود التنبيه على بعض أنواع الذكر التي ورَدت فيها فضائل عظيمة، وذُكِرت فيها مثوبة جليلة، ومن هذه الأذكار: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ حيث وردَت في فضْلها أحاديثُ كثيرة، منها: قوله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أحبُّ الكلام إلى الله تعالى أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا يضرُّك بأيِّهنَّ بدَأتَ))؛ رواه مسلم.

وأخرج الترمذي من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لقيتُ ليلة أُسري بي إبراهيمَ الخليل – عليه السلام – فقال: يا محمد، أقْرِئ السلام أُمَّتك، وأخبرهم أنَّ الجنة طيِّبة التربة، عَذبة الماء، وأنها قِيعان، وأنَّ غِراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)).

وأخرج الإمام الترمذي عن أنسٍ – رضي الله عنه – أنَّ رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((إنَّ الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لتُساقط من ذُنوب العبد كما تَساقَط ورقُ هذه الشجرة))؛ صحَّحه الألباني.

وأخرَج الإمام مسلم في “صحيحه” عن أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه – قال: قال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لأنْ أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحبُّ إليّ مما طلَعت عليه الشمس)).

وأخرَج الإمام النسائي من حديث أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه – أنَّ الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((خُذوا جُنَّتكم من النار، قولوا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإنهنَّ يأتينَ يوم القيامة مقدِّمات، ومُعقِّبات ومُجنِّبات، وهنَّ الباقيات الصالحات))؛ صحيح الجامع.

أخرَج البخاري عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: جاء الفقراء إلى النبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – فقالوا: ذهَب أهل الدُّثُور من الأموال بالدَّرجات العُلى والنعيم المُقيم؛ يُصلُّون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضلٌ من أموال يحجُّون بها ويَعتمرون، ويُجاهدون ويتصدَّقون، قال: ((ألا أحدِّثكم إن أخَذتم، أدْرَكتم مَن سبَقكم، ولَم يُدرككم أحدٌ بعدكم، وكنتم خيرَ مَن أنتم بين ظَهْرانيه، إلاَّ مَن عَمِل مثله – تُسبِّحون وتَحمدون، وتُكبِّرون خلف كلِّ صلاة ثلاثًا وثلاثين)).

وأخرَج البخاري أيضًا عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أنَّ رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((مَن قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرَّة، حُطَّت خَطاياه وإن كانت مثلَ زبَد البحر)).

وأخرَج البخاري أيضًا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كلمتان خَفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)).

وأخرَج مسلم عن ابن عمر، قال: بينما نحن نصلي مع رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – إذ قال رجلٌ من القوم: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً، فقال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن القائل كلمة كذا وكذا؟))، قال رجل من القوم: أنا يا رسول الله، قال: ((عَجِبت لها؛ فُتِحت لها أبواب السماء))، قال ابن عمر: فما تركتهنَّ منذ سَمِعت رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – يقول ذلك.

وأخرج مسلم عن مصعب بن سعدٍ قال: حدَّثني أبي: كنَّا عند رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – فقال: ((أيَعجِز أحدُكم أن يكسبَ كلَّ يوم ألف حسنة؟))، فسأله سائلٌ من جُلسائه: كيف يكسب أحدُنا ألف حسنة؟ قال: ((يُسبِّح مائة تسبيحة، فيُكتب له ألف حسنة، أو يُحَطُّ عنه ألف خطيئة)).

وأخرَج مسلم عن ابن عباس عن جُويرية أمِّ المؤمنين أنَّ النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – خرَج من عندها بكرة حين صلَّى الصُّبح وهي في مسجدها، ثم رجَع بعد أن أضْحى وهي جالسة، فقال: ((ما زِلت على الحال التي فارَقْتُك عليها؟))، قالت: نعم، فقال النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لقد قلتُ بعدك أربع كلمات ثلاث مرَّات لو وُزِنت بما قلتِ منذ اليوم لوزَنتهُنَّ؛ سبحان الله وبحمده: عدد خَلقه، ورضا نفسه، وزِنة عَرْشه، ومِداد كلماته)).

فمع ما في ذِكر الله تعالى من الأجر الكثير والعاقبة الحميدة، فإن له أيضًا فوائدَ محسوسة، يَلمسها الذاكرون في حياتهم، ومن ذلك فائدتان كبيرتان، ذكَرهما ابن القَيِّم – رحمه الله – بقوله:

“أولاهما: أنَّ دوام ذكر الربِّ – تبارَك وتعالى – يوجِب الأمان من نسيانه الذي هو سبب شقاء العبد في معاشه ومَعاده؛ فإنَّ نسيان الرب – سبحانه وتعالى – يوجب نسيان نفسه ومصالحها، فمَن نَسِي الله تعالى أنساه نفسه في الدنيا، ونَسِيه في العذاب في الآخرة، وما يُجازَى به المسيء من ضِيق الصَّدر، وقَسوة القلب، وتشتُّته، وظُلمته، وغمِّه، وهمِّه، وحُزنه – ما هي إلاَّ عقوبات عاجلة، ونار دنيويَّة، وجهنَّم حاضرة، والإقبال على الله تعالى، والإنابة إليه، وامتلاء القلب من محبَّته، واللهج بذِكره، والفرح والسرور بمعرفته – ثواب عاجل، وجنَّة وعيش لا نِسبة لعيش الملوك إليه ألبتَّة.

ثانيهما: أنَّ الذكر يعطي الذاكر قوَّة؛ حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لَم يظنَّ فِعله بدونه، وقد شاهَدت من قوَّة شيخ الإسلام ابن تيميَّة في سُننه، وكلامه وإقدامه، وكتابه أمرًا عجيبًا، فكان يكتب في اليوم من التصنيف ما يَكتبه الناسخ في جمعةٍ وأكثر، وقد شاهَد العسكر من قوَّته في الحرب أمرًا عظيمًا”؛ انتهى كلامه – رحمه الله.

كما أنَّ مما يُعين على حياة القلب وطمأنينة النفس وراحة البال – دَوام ذِكر الله – عزَّ وجلَّ – فنِعم الزاد الذي كان يتغذَّى به الصالحون ويَنعَم به العارفون؛ كما قال ربُّنا: ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].

ويقول ابن تيميَّة – رحمه الله -: “الذِّكر للقلب مثل الماء للسَّمك، فكيف يكون حال السمك إذا فارَق الماء؟!”.

يقول ابن القَيِّم: “وحضَرتُ شيخ الإسلام ابن تيميَّة مرَّة صلَّى الفجر، ثم جلَس يذكر الله تعالى إلى قُرب من انتصاف النهار، ثم الْتفتَ إليَّ وقال: “هذه غدوتي، ولو لَم أتغدَّ هذا الغداء لسَقَطت قوَّتي”.

كل هذه الفوائد عند ذكر الله تعالى:

قال ابن القيم – رحمه الله: في الذكر أكثر من مائة فائدة منها:

1- أنه يرضي الرحمن عز وجل.

2- أنه يطرد الشيطان ويقمعه.

3- أنه يزيل الهم والغم عن القلب.

4- أنه يجلب للقلب الفرح والسرور والبسط.

5- أنه يقوى القلب والبدن.

6- أنه ينور الوجه والقلب.

7- أنه يجلب الرزق.

8- أنه يكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة.

9- أن العبد إذا تعرف إلى الله تعالى بذكره في الرخاء عرفه في الشده.

10- أنه يورثه المراقبة حتى يدخله في باب الاحسان، فيعبد الله كأنه يراه، ولا سبيل للغافل عن الذكر إلى مقام الإحسان، كما لا سبيل للقاعد إلى الوصول إلى البيت.

11- أنه يورثه الإنابة، وهي الرجوع إلى الله – عز وجل.

12- أنه يورثه القرب منه، فعلى قدر ذكره لله – عز وجل – يكون قربه منه.

13- الذكر يجعل الدعاء مستجابا.

14- أنه يورثه الهيبة لربه – عز وجل – وإجلاله، لشدة استيلائه على قلبه وحضوره مع الله تعالى؛ بخلاف الغافل فإن حجاب الهيبة رقيق في قلبه.

15- أنه يورثه ذكر الله تعالى له، كما قال تعالى: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾ ، ولو لم يكن في الذكر إلا هذه وحدها لكفى بها فضلا وشرفا.

16- أنه يورثه حياة القلب.

17- أنه قوت القلب والروح، فإذا فقده العبد صار بمنزلة الجسم إذا حيل بينه وبين قوته.

18- أنه يورث جلاء القلب من صدئه.

19- أنه يحط الخطايا ويذهبها.

20- أنه يزيل الوحشة بين العبد وبين ربه تبارك وتعالى.

21- من ذكر الله تعالى عز وجل ذكره ربه، ولذكر الله أكبر.. قال تعالى: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾ [البقرة: 152].

22- أنه يورثه المحبة التي هي روح الإسلام وقطب رحى الدين ومدار السعادة والنجاة.

23- أنه ينجي من عذاب الله تعالى.

24- أنه سبب تنزيل السكينة، وغشيان الرحمة، وحفوف الملائكة بحلقات الذكر.

25- أنه سبب اشتغال اللسان عن الغيبة والنميمة والكذب والفحش والباطل.

26- أن مجالس الذكر مجالس الملائكة، ومجالس اللغو والغفلة مجالس الشياطين، فليتخير العبد أعجبهما إليه وأولاهما به، فهو مع أهله في الدنيا والآخرة.

27- أنه يسعد الذاكر بذكره ويسعد به جليسه، وهذا هو المبارك أينما كان.

28- أنه يؤمن العبد من الحسرة يوم القيامة.

29- أنه مع البكاء في الخلوة سبب لإظلال الله تعالى العبد يوم الحر الأكبر في ظل عرشه، وهذا الذاكر مستظل بظل عرش الرحمن – عز وجل.

30- أن الاشتعال به سبب لعطاء الله للذاكر أفضل ما يعطي السائلين.

31- أنه أيسر العبادات، وهو من أجلها وأفضلها.

32- أنه غراس الجنة.

33- أن العطاء والفضل الذي رتب عليه لم يرتب على غيره من الأعمال.

34- أن دوام ذكر الرب تبارك وتعالى يوجب الأمان من نسيانه الذي هو سبب شقاء العبد في معاشه ومعاده.

35- أن الذكر نور للذاكر في الدنيا، ونور له في قبره، ونور له في معاده يسعى بين يديه على الصراط.

36- لما كان الذكر متيسرا للعبد في جميع الأوقات والأحوال فإن الذاكر وهو مستلق على فراشه يسبق (في الفضل والخير) القائم الغافل.

37- الذكر يفتح باب الدخول إلى الله عز وجل، فإذا فتح الباب ووجد الذاكر ربه فقد وجد كل شيء.

38- في القلب خلة وفاقة لا يسدها شيء البتة إلا ذكر الله – عز وجل – فإذا صار القلب بحيث يكون هو الذاكر بطريق الأصالة، واللسان تبع له فهذا هو الذكر الذي يسد الخلة ويُفني الفاقة.

39- أن الذكر يجمع المتفرق ويفرق المجتمع، ويقرب البعيد ويبعد القريب، فيجمع ما تفرق على العبد من قلبه وإرادته وهمومه وعزومه، والعذاب كل العذاب في تفرقتها وتشتتها عليه وانفراطها له، والحياة والنعيم في اجتماع قلبه وهمه وعزمه وإرادته، ويفرق ما اجتمع عليه من الهموم والغموم والأحزان والحسرات على فوت حظوظه ومطالبه، ويفرق أيضاً ما اجتمع عليه من ذنوبه وخطاياه وأوزاره حتى تتساقط عنه وتتلاشى وتضمحل، ويفرق أيضاً ما اجتمع على حربه من جند الشيطان.

40- أن الذكر ينبه القلب من نومه، ويوقظه من سنته.

41- أن الذكر شجرة تثمر المعارف والأحوال التي شمر إليها السالكون.

42- أن الذاكر قريب من مذكوره، ومذكوره معه، وهذه المعية معية خاصة غير معية العلم والإحاطة العامة، فهي معية بالقرب والولاية والمحبة النصرة والتوفيق.

43- أن الذكر يعدل حتى عتق الرقاب، ونفقة الأموال، والحمل على الخيل، والضرب بالسيف في سبيل – لله عز وجل.

44- أن الذكر رأس الشكر، فما شكر الله تعالى من لم يذكره.

45- أن أكرم الخلق على الله تعالى من المتقين من لا يزال لسانه رطباً بذكر الله.

46- أن في القلب قسوة لا يذيبها إلا ذكر الله تعالى.

47- أن الذكر شفاء القلب ودواؤه، والغفلة مرضه، فالقلوب مريضة وشفاؤها دواؤها في ذكر الله تعالى.

48- الذكر أصل موالاة الله – عز وجل – ورأسها، والغفلة أصل معاداته ورأسها، لأن العبد لا يزال يذكر ربه – عز وجل – حتى يحبه فيواليه، ولا يزال يغفل عنه حتى يبغضه فيعاديه.

49- أنه ما استجلبت نعم الله – عز وجل – واستدفعت نقمة بمثل ذكر الله تعالى.

50- أن الذكر يوجب صلاة الله – عز وجل – وملائكته على الذاكر، ومن صلى الله تعالى عليه وملائكته فقد أفلح كل الفلاح وفاز كل الفوز.

51- أن من شاء أن يسكن رياض الجنة في الدنيا، فليجلس في مجالس الذكر.

52- أن مجالس الذكر مجالس الملائكة، فليس من مجالس الدنيا لهم مجلس إلا مجلس يذكر الله تعالى فيه.

53- أن الله – عز وجل – يباهي بالذاكرين ملائكته.

54- من داوم على الذكر دخل الجنة مستبشرا فرحا بما أنعم الله عليه.

55- الذاكر يحقق الغاية التي من أجلها شرعت الأعمال كالصلاة ونحوها، قال تعالى: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾ [طه: 14].

56- إكثار الذكر في الأعمال يجعل الذاكر أفضل أهل ذلك العمل، فأفضل الصُّوَّام أكثرهم ذكرا لله – عز وجل – في صومهم، وأفضل المتصدقين أكثرهم ذكرا لله تعالى… وهكذا.

57- إدامة الذكر تنوب عن التطوعات وتقوم مقامها (ممن لا يقدر عليها) سواء كانت هذه التطوعات بدنية (كالجهاد)، أو مالية (كالصدقة)، أو بدنية مالية (كحج التطوع).

58- ذكر الله – عز وجل – من أكبر العون على طاعته – عز وجل – فإنه يحببها للعبد، ويسهلها عليه، ويجعل قرة عينه فيها.

59- أن ذكر الله – عز وجل – يسهل الصعب، وييسر العسير، ويخفف المشاق. فما ذكر الله عز وجل على صعب إلا هان، ولا على عسير إلا تيسر، ولا مشقة إلا خفت، ولا شدة إلا زالت، ولا كربة إلا انفرجت.

60- أن ذكر الله – عز وجل – يذهب عن القلب مخاوفه كلها، فليس للخائف الذي قد اشتد خوفه أنفع من ذكر الله – عز وجل.

61- الذكر يعطي الذاكر قوة (عظيمة)، حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لم يظن فعله بدونه.

62- الذاكرون هم السابقون يوم القيامة.

63- الذكر سبب لتصديق الرب – عز وجل – عبده، لأنه يخبر عن الله بأوصاف كماله ونعوت جلاله، فإذا أخبر بها العبد صدقه ربه، ومن صدقه الله – تعالى – لم يحشر مع الكاذبين، ورجي له أن يحشر مع الصادقين.

64- الملائكة تبني للذاكر دورا في الجنة ما دام يذكر، فإذا أمسك عن الذكر، أمسكت الملائكة عن البناء.

65- الذكر سد بين العبد وبين جهنم – والعياذ بالله – فإذا كان ذكرا دائما محكما، كان سداً محكماً لا منفذ فيه، وإلا فبحسبه.

66- الملائكة تستغفر للذاكر كما تستغفر للتائب.

67- بالذاكرين تتباهى الجبال والقفار وتستبشر بمن عليها من الذاكرين.

68- كثرة الذكر أمان من النفاق، فإن المنافقين قليلو الذكر لله تعالى كما أخبر عنهم سبحانه بقوله: ﴿ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 142].

69- يحصِّل الذاكر من اللذة ما لا يحصُل لغيره، ولذا سميت مجالس الذكر رياض الجنة.

70- يكسو الذكر صاحبه نضرة في الدنيا ونورا في الآخرة.

71- في تكثير الذكر تكثير لشهود العبد يوم القيامة.

72- في الذكر اشتغال عن الكلام الباطل من الغيبة والنميمة واللغو ونحو ذلك من حيث إن اللسان لا يسكت البتة، وهو إما لسان ذاكر، وإما لسان لاغٍ، ولابد من أحدهما، والنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل.

73- لا سبيل إلى تفريق جمع الشياطين التي تحوط بالإنسان إلا بذكر الله عز وجل.

74- أنه يفتح له بابا عظيما من أبواب المعرفة.