أين علماء الإجتماع، وخبراء العلاقات الزوجية، والمصلحون من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن الرجل إذا نظر إلى امرأته، ونظرت إليه، نظر الله تعالى إليهما نظرة رحمة، فإذا أخذ بكفها تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما)) صحيح الجامع حديث، الذي يوصي الزوجين ببعضهما غاية الإيصاء، ويسمو بعلاقتهما إلى أعلى مكان، ويعدهما بالأجر الكبير على تواددهما وتراحمهما ؟!
إنها دعوة للأزواج إلى عدم التهوين من رسائل المودة بينهما . فحتى النظرة التي لا تكلف جهدًا، ولا تفقد مالاً، تجلب رحمة الله بالزوجين، رحمة الله التي تحمل معها كل خير لهما، تحمل الرزق والسلام والسعادة، رحمة الله التي يهون معها كل صعب، ويقرب كل بعيد، وينفرج كل كرب.
والنبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد نوع نظرة الرجل إلى زوجته، ولا نظرة زوجته إليه، ليترك المجال رحباً أمام نظرات المحبة والمودة والشفقة والحنان، بل حتى نظرات الرغبة والشهوة مادامت توصل إلى علاقة حلال بين الزوجين.
وواضح أن النبي عليه الصلاة والسلام، يحث الزوج على البدء بالنظرة الطيبة، لكنه يحث المرأة على مبادلة زوجها تلك النظرة ((ونظرت إليه)) وفي هذا تشجيع للزوجة على الإيجابية والإستجابة لتودد الزوج بتودد مماثل منها. وحتى تزيد المودة وتتضاعف المحبة، وتتعانق المشاعر الحانية، دعا الرسول صلى عليه وسلم إلى عدم الإقتصار على هذه النظرات المتبادلة، وذلك حين قال : ((فإذا أخذ بكفّها ..)) وياله من تعبير بديع دقيق يرسم صورة غاية في الرفق واللطف والحب، فلم يقل عليه الصلاة والسلام : فإذا أمسك يدها … بل قال ((فإذا أخذ بكفها ..)) وهذا التعبير يصّور كف المرأة وكأنها عصفور صغير يحتضنه الزوج بيديه، يمسح عليه، ويدفئه ويرعاه. وما ثمرة هذا الحنو من الزوج ؟ مشاعر حب دافق تشيع في نفس الزوجة، وأحاسيس راحة تذهب عنها تعب كفّها , بل جسمها كله , واستعداد كامل لطاعة الزوج وعدم عصيانه .وقمة هذه الثمرة مابشر به النبي صلى الله عليه وسلم الزوجين كليهما بتساقط ذنوبهما من خلال أصابعهما ((تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما)) لا لأنهما صاما، أو صليا في الليل، أو أنفقا من مالهما. إنما لأنهما تصافيا وتحابا في لحظات مودة صادقة.
((نظرة رحمة)) من ربهما، و((تساقطت ذنوبهما)) من أصابعهما، أليستا ثمرتين عظيمتين كبيرتين لمودة سهلة قريبة في متناول كل زوجين ؟!.
فيا أيها الأزواج والزوجات، انظروا وتأملوا. كم تضيعون من رحمات ربكم بكم، ومغفرته لكم.