هل منع أردوغان الخبز الأبيض في تركيا من أجل صحة الأتراك ؟!. تنتشر في الواتساب حاليا رسالة تقول إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منع الخبز الأبيض في تركيا من أجل صحة الأتراك، وإنه أحد إنجازاته، مع الاستشهاد بدولة السويد، ومعلومات أخرى، فما مدى صحة ذلك؟
بداية يمكن تلخيص ما تزعمه الرسالة بالتالي:
وضع الرئيس التركي أردوغان تسلسل منجزاته للشعب التركي فكان الإنجاز رقم تسعة هو: منع الخبز الأبيض كما هو الحال في الدول المتقدمة كالسويد وغيرها من الدول الإسكندنافية التي لم تشاهد في أسواقها إلا خبز الشعير.
الخبز الأبيض خال من مادة اللايسين التي تشد العظم وتطوله وتقويه، وهي موجودة في الشعير بأعلى نسبة.
لا أثر لهذه المادة في الخبز الأبيض وجميع ما طبخ من الدقيق الأبيض، لذلك صغرت بنية الجسم لدى الأجيال العربية الحديثة، خاصة البنات، إذ ظهرت عليهم حالة التقزم والانكماش مقارنة بأجدادنا الذين كانوا ضخاما شجعانا بسبب خبز الشعير.
ما هي الحقيقة؟
بعد الأكاذيب التي عجت بها رسالة الواتساب نقدم لك الحقيقة، وهي أن الخبز الأسمر وأي خبز محضر من حبوب كاملة بغض النظر عن نوعها هو أكثر فائدة للجسم، لأنه يكون أعلى في الألياف الغذائية التي تساعد على الشعور بالشبع وتساعد في الوقاية من الإمساك.
وبدون الدخول في الحسابات فإنه يمكنك الحصول على حاجتك من اللايسين عبر تناول غذاء صحي ومتنوع يشمل اللحوم قليلة الدهن والبقول ومنتجات الحليب والبيض والخضار والفاكهة.
اذن ننصحك بتناول الخبز الأسمر، لأن للخبز الأسمر ميزات إيجابية مقارنة بالخبز الأبيض، مثل مقاومة الإمساك وتحسين الشعور بالشبع.
جولة في مخابز تركيا
ونبدأ مع خليل مبروك الذي قام بجولة على عدد من المخابز والأفران والمحلات الكبرى التي تبيع الخبز الأبيض في مدينة إسطنبول، وبدا الحال طبيعيا كما في كل يوم من حيث العرض وأسعار الخبز الذي تنتج منه تركيا نحو 91 مليون قطعة يوميا وفقا لبيانات اتحاد الخبازين.
فقد اتخذت أرغفة الخبز الأبيض -الذي يطلق عليه الأتراك اسم “نورمال إكميك” أي الخبز العادي- مواقعها الطبيعية في واجهات العرض بين عشرات الأصناف من الخبز الذي تشتهر تركيا بتعدد أنواعه.
كما بيع رغيف الخبز الأبيض بسعره المعتاد الذي يتراوح بين ليرة واحدة وليرة ونصف الليرة بحسب حجمه ومكان إنتاجه.
وقال مدير مخبز “باشاك فرن” إنه لم يتلق أي تعليمات جديدة بشأن إنتاج الخبز الأبيض، سواء من وزارة الزراعة والغذاء والثروة الحيوانية أو من جمعية مخابز إسطنبول التي تعد المرجع النقابي لأصحاب الأفران.
واستغرب نور الدين بالجيلان الحديث عن منع بيع الخبز الأبيض في الأسواق التركية، مؤكدا أن هذا الخبز هو أكثر أنواع الخبز شهرة واستخداما في تركيا نظرا لقيمته الغذائية المرتفعة وملاءمته لمكونات المائدة المنزلية التركية، ولسهولة استخدامه في إعداد الشطائر وعدم احتياجه للحفظ في البرادات، فضلا عن كونه الخبز المقدم مع أغلبية وجبات الأسواق التركية.
لكنه أشار إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سبق أن انتقد تعامل المجتمع التركي مع بقايا الخبز الأبيض وإلقائه في القمامة قائلا “نحن أمة لا تمسح شفاهها بالخبز”.
ماذا عن السويد؟
الحقيقة هي أن السويد تنتج الخبز الأبيض بشكل طبيعي، ولا يوجد حظر عليه، ووفقا لدراسة نشرت في مجلة أبحاث الطعام والتغذية عام 2014 عن أنماط استهلاك الخبز بين البالغين السويديين، فإن ثلث السويديين المشاركين في الدراسة كانوا يتناولون الخبز الأبيض بشكل رئيسي.
إذن، فإن رسالة الواتساب كاذبة، فالخبز الأبيض لم يمنعه أردوغان في تركيا، وهو ليس ممنوعا في السويد، فماذا عن المزاعم بشأن اللايسين؟
ما هو اللايسين؟
اللايسين (Lysine) هو أحد تسعة أحماض أمينية أساسية (لا يتم صنعها في الجسم ويجب الحصول عليها من الغذاء) بالنسبة للإنسان، وله دور في صناعة البروتينات والكولاجين، وله وظائف أخرى، ويوجد في اللحوم الحمراء والأسماك ومنتجات الألبان والدجاج والبقول.
ويحتاج الشخص البالغ 12 مليغراما من اللايسين يوميا لكل كيلوغرام من وزنه، فمثلا شخص وزنه ثمانون كيلوغراما يحتاج إلى 960 ميلغراما.
وتحتوي قطعة متوسطة من اللحم الأحمر تزن ثلاث أونصات (85 غراما) على نحو ألفي مليغرام من اللايسين.
ومع أن اللايسين مهم للجسم إلا أنه ليس مسؤولا عن طول الشخص أو تقزمه، فالطول يتحدد بعبر عوامل عدة، مثل الوراثة، في حين تمكن التغذية الصحية للشخص من الوصول إلى أقصى طول تسمح به جيناته، ولكن لا توجد علاقة بين اللايسين وطول الشخص أو ضخامته.
الأمر الأخير هو أن أبرز مصادر اللايسين هي الأغذية التي تحتوي البروتينات مثل السمك واللحم الأحمر والدجاج والحليب والبيض الكامل والبقول مثل والفاصوليا وفول الصويا والبازلاء والعدس والحمص.
أما الطحين الأبيض وطحين الشعير فهما غير غنيين باللايسين، وهذا يعني أن زعم أن خبز الشعير مصدر غني به هو زعم كاذب أيضا.