احدث مقال للدكتورة ناعمة الهاشمي، بخصوص تربية الطفل، وغرس القيم النبيلة فيه،
والعناية بنفسيته ليغدوا طفلا قوي الشخصية، لديك ثقة جيدة في نفسه، مهم هذا المقال لجميع الامهات، انه يرشدهن إلى سبل التصرف الصحيح.
تفضلي اقرئي المثال الذي اوردته الدكتورة لتقرب لك الواقع، ولتشرح لك كيف تتكون مشاعر وشخصيات ابناءك، تصورك عن ذاتك، تلك الفكرة التي حصلت عليها بشأن من تكونين، وماذا تستحقين، ومثل هذه الافكار، ياتي جلها من الحيطين بك، من نظرتهم لك التي تنحدر غالبا من مشاعرهم تجاه انفسهم فمن يحتقر طفلا، هو في الواقع يحتقر نفسه، فيصب جام غضبه على طفل بريء لا حول ولا قوة له… !!!!!
سيدتان تجلسان في استراحة انتظار باحدى العيادات وعلى حجر كل منهما، طفلة، بدت الطفلتان في السنة الثانية من عمرهما،
السيدة الاولى تبدوا ملامحها متجهمة، غاضبة من كل شيء، ومستاءة، الطفلة فوق حجرها والتي كانت ترضع تحاول ان تغير قليلا من وضعها، لكنها لا توفق، وتسقط من فوق حجر امها إلى الأرض، فتتألم وتصرخ، بينما تمد الأم يديها، إلى طفلتها، وتصفعها، (( لما تحركت، ما كان عليك ان تتحركي )) ثم تشدها بقوة إليها، وترفعها عن الارض، وتضعها على حجرها من جديد، وهي تنهرها اكثر، وتضربها ضربات سريعة على كتفها والطفلة تبكي بصوت خافت، وتنظر الينا بعينين محرجتين، وفيهما لسان حالها يقول: أنا لا شيء، علي ان لا افعل اي شيء في هذه الحياة، لان الفشل دائما حليفي، وليس من حقي ان افشل، لان العقاب سيكون مصيري، إني لا أستحق الحياة، لقد جئت إلى هذه الدنيا، عالة على من حولي، وبالكاد احصل على الرعاية منهم، علي ان اصمت، ارجوكم لا تنظروا لي، فانا مجرد مسكينة، إن امي التي ترسم عالمي تبث إلي ليل نهار رسائل تخبرني عبرها اني لا استحق اي شيء…..!!!!!
كانت دمعات الطفلة المسكينة، كافية لتنتزع قلب اي شخص…!!!!!
السيدة الاخرى، والتي كانت طفلتها تجلس على حجرها، … حاولة الطفلة ان تعدل وضعها، فتحركت، فسقطت على الارض، فتألمت فصرخت، فاسرعت والدتها إلى حملها، (( يا روحي، حبيبتي باسم الله عليك، … )) وقبلتها، وهي تتفحصها خوفا من ان تكون قد اصيبت بأذى، ثم قالت لها (( قلت لك ان لا تتحركي، إن كنت ترغبين في النزول اخبريني))، ثم احتضنتها، وحينما هدأت الطفلة انزلتها لتلعب… فسارت الطفلة مبتسمة، وبحذر، وكان لسان حالها يقول: نحن اشخاص مهمين، إني مهمة في هذه الحياة، ويجب ان اكون حذرة جدا، لكي لا اصيب نفسي بالاذى، فهناك اشخاص تقلق علي وتحبني، وتحزن لاجلي، علي ان احاول دائما، فالنجاح سيكون حليفي ذات يوم، علي ان انتقي من الحياة كل ما يشعرني بالسعادة واتجنب ما يمكن ان يجرني إلى الالم….!!!!
نزلت الطفلة السعيدة، من على حجر والدتها وركضت بسعادة صوب كوخ صغير للالعاب، وبدأت تلعب، كانت الطفلة الحزينة، تطالعها بحسرة، فهي الاخرى ترغب في ان تلعب، لكنها لا تريد ان تعيد الكرة، لا تريد ان تحاول النزول، فتنال العقاب، لكن والدتها قررت في النهاية ان تسمح لها بالنزول، انزلتها من على حجرها فمشت الطفلة بخجل، وقلق، واصبعها السبابة في فمها، تنظر لنا بتخوف … وخجل، .. وحينما وصلت إلى الكوخ، وقفت تراقب الطفلة السعيدة وهي تلعب، ولم تمد يديها إلى الالعاب، بل استمرت في التحديق….
ثم فجأة دخل طفل في السنة الثالثة تقريبا من عمره، قوي البنية، وحينما رأى الطفلتان تلعبان، قرر ان يختطف احدى الالعاب من يد الطفلة الحزينة، فسكتت، ونظرت إلى الاسفل واستمرت في الصمت، هل تعلمون في ماذا كانت تفكر، إنها خجلة من نفسها، لانها لا تستطيع ان تدافع عن نفسها، …
… ثم اتجه إلى الطفلة السعيدة وحاول ان ياخذ منها لعبتها، إلا انها خبأت اللعبة خلف ظهرها، وصرخت فيه بقوة، فخاف الطفل من صراخها، وتراجع إلى الخلف، ونظر حوله، فمن المؤكد ان والدتها موجودة وستأتي لتعاقبه، …
وحينما انتبهت الام لصراخ طفلتها، قالت (( عيب يا ولد، لما تسرق العاب البنات )) فابتسم الطفل خجلا، واقترب من الطفلة السعيدة محاولا اللعب معها، بينما كانت الطفلة الحزينة لازالت تنظر للارض، خجلة من نفسها، … إنها كانت تستطيع ان تصرخ، كما صرخت الطفلة السعيدة، لتخيف الطفل، لكن هيهات، فهي تخشى إن صرخت ان تاتي والدتها لتعاقبها، فقط استمرت والدتها يوما بعد يوم في تلقينها حقيقة وضعها في الحياة، إنها بالكاد تستحق العيش، فليس عليها ان تتذمر حينما يسلب حقها، وليس عليها ان تعترض حينما تهان كرامتها، وليس عليها ان تعبر عن مشاعرها، وليس عليها ان تجرب او تقدم على امر فالفشل دائما سيكون حليفها…!!!!
وجه الام العابس طوال الوقت، كلماتها النابية المحتقرة لكيان الطفلة الصغيرة، كل الحقد الدفين الذي تصبه عليها، وكل الغضب العارم الذي تنفسه فيها، كل هذا كفيل بقتل كل بذرة امل في هذه الطفلة…!!!!!
وجه الأم المبتسم طوال الوقت، كلماتها الحانية المدللة لكيان الطفلة الصغيرة، كل الحب العارم الذي تحيطها به، وكل الرعاية والعناية الذي تحيط به طفلتها، كل هذا كفيل باحياء كل بذور الامل في هذه الطفلة….!!!!
الام مدرسة، الام مصنع، الأم قاعدة البناء الألى، على الأم ان تشيد نفسيات عظام، نفسيات سعيدة، نفسيات قوية، نفسيات ايجابية، عليها ان تضع كل همومها جانبا، وان تستمتع بلذة التربية،لذة الانتاج ان تنتجي المزيد من الاطفال السعداء، والمزيد من السعادة لهذا الكون، والمزيد من الايجابية، لك انت قبل كل شيء، … حينما تكبرين قليلا، ويكبرون، ….
قلب غالي:يارب(( لقد عذبني . إنه يحرجني بين الناس… كثير المشاكل، ويفضحني بتصرفاته الهوجاء))
حينما تاتي احداهن لتشتكي من ابنها المراهق، الذي يفتعل الكثير من المشاكل، او يسرق،او يضرب رفاقه في المدرسة، او يسب مدرسيه، او…..إلخ…!!!! اسألها بماذا كنت تغذيه في طفولته…؟؟ ما هي الكلمات التي كنت تسمعيه…؟؟ ما هي المشاعر التي قدمتها له….؟؟؟(( كنت أعاني كثيرا من معاملة والده، وكنت اقسوا عليه واعايره بابيه، وهو طفل، فاقول له مثلا، تعال هنا يا ابن ….، تعال هنا يا ابن العاق، كل يا ابن النذل…))، …!!!!!! فأقول: جيد،،، وهذا حصادك…!!!! الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة،
قولي لأبنائك كلمة طيبة، …!!!! ليس من اجلهم فقط، بل من اجلك انت، فغدا ستسعدين بابتساماتهم التي ستعطر حياتك، وبانجازاتهم التي ستنير سماءك، وتزيد فخرك بهم، ستجلسين هانئة البال مستقرة الحال، فانت ربيت صح، ولست قلقة عليهم، إنهم غالبا يحسنون الاختيار في حياتهم، وسيفعلون الصواب دائما، أما ان قلت لابنائك كلمة خبيثة…!!!، فانت اول من سيعاني، حينما يكبرون، ويبدؤون في التعبير عن مكنوناتهم التي سبق ان اودعتها فيهم، ليست بالتأكيد مكنونات راقية، ليست جميلة، ليست ايجابية، كلها سلبية، كلها نابية، .. فستحصلين على ابناء إما سلبيين، عاجزين، فاشلين، وسينعتك العالم بام الفاشلين، وستخجلين بهم امام الناس كما اخجلتهم صغارا…!!!!!
وإما ان يصبحون مجرمين، ليحققوا لك ما سبق ان تنبأت به لهم، الكلمة الطيبة، جميلة، راقية، مفرحة، مبتسمة مثمرة، تؤتي اكلها، الكلمة الخبيثة، نتنة، مؤلمة، موجعة، تنتقم منك لاحقا، طال الزمان او قصر، وانت ايتها الام، أنت لديك كنز السعادة بين يديك، إنهم ابناؤك، في ابتسامتهم، تجدين افضل انواع المهدئات العصبية الطبيعية والتي تطيل عمر الانسان الافتراضي، وفي قبلاتهم، تحصلين على اسرع دواء لامراض القلب، أو الضغط او السكري في احتضانهم، تتخلصين من كل امراض الشرايين، والرومانتيزم، والدوالي.