يمكن أن تسبب النوبات القلبية إيقاعات قلبية غير طبيعية والتي يمكن أن تؤدي بدورها إلى السكتة القلبية . واذا لم ينفتح الانسداد في خلال ثلاث ساعات، فإن من المرجح أن يموت 90 % من الجزء الذي حرم من الدم.
إن موت جزء من عضلة القلب – كما ذكرنا – يسمى النوبة القلبية. وفي خلال تلك الساعات الثلاث – أو تلك الفسحة المحدودة من الوقت – تكون عضلة القلب لا زالت حية لم تمت، وثمة أمل في إعادتها إلى وظيفتها الطبيعية بمرور الوقت إذا تمت إزالة الانسداد الذي حبس توارد الدم إلى عضلة القلب.
تحدث النوبة القلبية وتسمى أيضا احتشاء عضلة القلب عندما يموت جزء من عضلة القلب وتعد النوبات القلبية سببا خطيرا من أسباب اعتلال الصحة وأكثر أسباب الوفاة شيوعاً في الدول المتقدمة .
وفي كل عام يصاب حوالي 1.5 مليون نسمة في الولايات المتحدة بالنوبة القلبية ويموت حوالي نصف مليون نسمة. وأكثر من نصف هذا العدد يموت قبل الوصول إلى المستشفى.
وقد أدى التقدم الذي حدث في فهم أسباب النوبات القلبية إلى تحسين استراتيجيات الوقاية والعلاج وإلي خفض معدل الوفيات. وقد صار أكثر من 90 % من المرضى الذين يصلون إلى المستشفى في الوقت المناسب لتلقي العلاج يبقون على قيد الحياة أثناء مكثهم بالمستشفى.
كما توجد نسبة مماثلة يحققون نفس هذا الهدف في العام التالي بعد خروجهم من المستشفى. وبصفة عامة فإن ثمة عددا يصل إلى 600 ألف نسمة يموتون بالنوبة القلبية كل عام وهو ما يوازي تعداد مدينة أمريكية متوسطة الحجم .
وجدير بالذكر أن جميع حالات النوبات القلبية تصيب مرضى الشرايين التاجية بسبب التصلب العصيدي . وعندما تنسد الشرايين الضيقة ولا يتمكن الدم من تغذية جزء من القلب، فإن هذا يسبب ألما شديدا ، ويمكن أن يسبب أيضا هبوط القلب الاحتقاني .
وهناك تقنيات مختلفة لمحاولة فتح أو تسليك الشريان التاجي المسدود .
وتسمى تقنيات إعادة الغسيل (وكلمة الغسيل تعني هنا الإمداد بالدم أو تدفق الدم، وكلمة إعادة الغسيل تعني استعادة تدفق الدم)، وهي تقنيات يمكن أن تكون منقذة للحياة.
ولهذا السبب فمن الأهمية البالغة أن تبحث عن المعونة الطبية بمجرد ظهور أولى علامات النوبة القلبية.
الأعراض
إن الأعراض المميزة للنوبة القلبية تكون مماثلة لأعراض الذبحة الصدرية، ولكنها أكثر شدة وأطول أمدا . إذ يحس المريض بألم عاصر أو محرق أو يحس بضغط رهيب في منتصف الصدر. وقد ينتقل هذا الألم إلى أعلى حتى يصل إلى العنق أو الفك أو الكتف، أو قد يصل حتى إلى الذراع أو الظهر.
وغالبا ما يصاحب ألم النوبة القلبية تصبب العرق والدوار والشعور بالضعف وقصر النفس. فإذا أحسست بألم في الصدر يستمر لأكثر من عشرين دقيقة ولا ينفرج بالراحة (ولا بتناول جرعة من النيتروجلسرين) فعليك بطلب المعونة الطبية الفورية بأن تتصل برقم تليفون الطوارئ .
وبمجرد أن تجرى هذا الاتصال عليك أن تمضغ وتبتلع حبة من الأسبرين وتشرب معها كوبا من الماء وهذا يجعل الدم أكثر سيولة مما يساعد القلب على أن يحصل على مزيد من الدم في حالة معاناتك من النوبة القلبية.
في حالات أقل شيوعا ، قد تسبب النوبة القلبية شعورا يشبه عسر الهضم ، فقد تحس بتوعك مؤلم في الجزء العلوي المتوسط من البطن، وقد تسبب إحساسا بالضعف الشديد أو إحساسا كأنك على وشك الإغماء.
بل إن النوبات القلبية يمكن أن تحدث دون ظهور الأعراض ومثل هذه النوبات : النوبات القلبية الصامتة وكذلك النوبات التي قد تكون مصحوبة بأعراض غير مألوفة وتشمل حرقة الفؤاد أو الغثيان أو الدوخة المفاجئة مع تصبب العرق. وهذه تكون أكثر شيوعا في النساء ومرضى السكر والأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم الخامسة والستين.
وقد وجدت بعض الدراسات أن النوبات القلبية قد تكون أكثر عرضة للحدوث في الصباح بين الساعة الخامسة والتاسعة صباحا . كما وجدت دراسات أخرى أن النوبات القلبية قد تحدث غالبا في شهور الشتاء.
الاختبارات التشخيصية
عند الشك في وجود نوبة قلبية، فإن الطبيب سوف يبدأ بقياس ضغط الدم ومعدل دقات القلب ويستمع إلى قلبك ورئتيك ليأخذ فكرة عن كفاءة قلبك.
ويبنى تشخيص النوبة القلبية على أساس الأعراض والفحص الطبي ورسم القلب الكهربائي واختبارات الدم للكشف عن إنزيمات عضلة القلب.
رسم القلب الكهربائي :
وهو يظهر الإصابة أو التلف الذي لحق بعضلة القلب ويمكنه أن يميز بين التلف الذي أصاب سمك الجدار بأكمله بأحد أجزاء القلب (ويسمى النوبة القلبية بموجة Q) والتلف الذي أصاب جزءا فقط من سمك جدار القلب (ويسمى النوبة القلبية دون موجة Q).
ويعد رسم القلب الذي يظهر موجة Q جديدة دليلا دامغا على حدوث النوبة القلبية. أما رسم القلب في حالة النوبة القلبية دون موجة Q فيكون أكثر صعوبة في سبر غوره.
ويمكن لرسم القلب أن يظهر إيقاعات القلب غير الطبيعية الخطرة وحالات الحصار القلبي الخطرة والتي يمكن أن تحدث أثناء النوبة القلبية.
اختبارات الإنزيمات القلبية
وهي تكشف عن وجود إنزيمات قلبية معينة تنطلق في مجرى الدم عندما يحدث تلف لنسيج عضلة القلب. ويتم البحث غالبا عن إنزيمين محددين للكشف عن التلف القلبي وهما التروبونين Troponin والكرياتين كيناز إم بي Creatine Kinase MB .
فأما التروبونين يمكن الكشف عنه في الدم في وقت مبكر (بعد حوالي 4 ساعات من حدوث النوبة القلبية)، أمآ الكرياتين كيناز إم بي فيصل إلى قمته بعد 12 إلى 24 ساعة من حدوث النوبة القلبية.
وبالنسبة للأشخاص الذين يعانون بالفعل ألما بالصدر ولديهم ما يسمى نمط النوبة القلبية مع موجة Q جديدة (في رسم القلب الكهربائي) فإن قياس إنزيمات القلب فقط يعطي معلومات إضافية لتشخيص يعتبر مؤكدا بالفعل.
ومع ذلك، فإن إنزيمات القلب تصير مهمة جدا في تشخيص الحالة إذا كان نمط رسم القلب هو من النوع الذي بدون موجة Q . وكذلك فإن قياس إنزيم الكرياتين كيناز إم بي يكون مفيدا أيضا في تحديد مقدار التلف الذي أصاب عضلة القلب، إذ إن زيادة مقدار التلف يؤدي إلى ارتفاع مستويات هذا الإنزيم.
تصوير القلب بالصدى
وهو يكون مفيدا في بعض الأحيان لإظهار الأجزاء من جدار القلب التي لا تضخ الدم بكفاءة، وهو ما يحدث أثناء النوبة القلبية. إذا ما كانت النوبة القلبية قد سببت هبوط القلب الاحتقاني، فإن تصوير القلب بالصدى يمكن أن يساعد على تحديد مدى التأثير السيئ للنوبة القلبية على قدرة القلب ككل على الضخ، وعلى تحديد ما إذا كانت بعض صمامات القلب لا تعمل بكفاءة.
أشعة إكس للصدر
وتستخدم للكشف عن تضخم القلب أو أية مؤشرات لهبوط القلب الاحتقاني، وتعد الأشعة أداة تشخيصية مفيدة (خاصة عندما يكون التشخيص غير مؤكد وعند وجود أسباب أخرى لألم الصدر مثل الالتهاب الرئوي).
هذا وغالبا ما يكون تشخيص النوبة القلبية غير واضح عندما يرى الطبيب مريضه لأول وهلة. لذا فقد يقرر الطبيب أن يبقى المريض بالمستشفى طوال الليل للتأكد من تشخيص النوبة القلبية ولكي يكون مستعدا لعلاج أية مضاعفات خطيرة قد تنشأ في حالة وجود تلك النوبة. ومعظم الناس الذين يتم إدخالهم المستشفى للتأكد من تشخيص النوبة القلبية يتبين فيما بعد أنهم غير مصابين بها .
خيارات العلاج
من المرجح إدخال مريض النوبة القلبية وحدة للرعاية المركزة ICU أو وحدة لرعاية الحالات التاجية CCU حيث يوجد المزيد من الأطباء أو الممرضات والمزيد من الأجهزة الأكثر تقدما لمراقبة الحالة ومتابعتها ومعالجة حالات الطوارئ.
وخلال الأيام القليلة الأولى بعد حدوث النوبة القلبية قد يحتاج المريض للراحة في الفراش مع مراقبة نبضات قلبه باستمرار للتأكد من عدم ظهور أية إيقاعات خطرة للقلب. كما قد يحتاج المريض إلى استنشاق ما يكفي من الأكسجين لتغذية عضلة القلب التي تعرضت للضرر والتلف وتركيب أو توصيل أنابيب للحقن الوريدي المستمر إلى اليد أو الذراع لحقن محاليل محملة بالأدوية اللازمة لعلاج الحالة الطارئة علاجا سريعا .
وإذا ما كان المريض يعاني الصدمة أو هبوط القلب الاحتقاني ، فقد يحتاج قسطرة يتم تركيبها في أحد شرايين الذراع لقياس ضغط الدم باستمرار. بل قد يحتاج أيضا إلى قسطرة أخرى يتم إدخالها إلى المثانة البولية لقياس كمية البول التي يخرجها يوميا، أو قد يتم تركيب قسطرة ثالثة في الرقبة لقياس مدى كفاءة ضخ القلب للدم!
وقد يحتاج المريض أيضا إلى ما يلي :
- استنشاق الأكسجين
– نيتروجلسرين للحقن في الوريد : هذا العقار قد يستخدم لتخفيف ألم الذبحة وتحسين تدفق الدم إلى عضلة القلب المصابة.
- عقاقير مسكنة قوية : يعطى المريض في العادة مسكنات مخدرة كحقن المورفين أو البيثيدين ولكن يعيبها أنها مخدرة تسبب الإدمان كما أنها تثبط المراكز التنفسية الحيوية بالمخ. وتوجد بدائل قوية فعالة على شكل مسكنات غير مخدرة. ويمكن إعطاء حقن البنتازوسين أو غير ذلك من المسكنات غير المخدرة.
- الهيبارين والأسبرين : هما من العقاقير التي تزيد سيولة الدم ويستخدمان لمنع تكون جلطات دم جديدة في الأوعية الدموية المريضة. وثمة دواء مسيل للدم أكثر حداثة ويسمى تيروفيبان وعند إضافته إلى الهيبارين والأسبرين فإنه يحقق فوائد إضافية. وبالنسبة للأشخاص الذين أصيبوا بنوبة قلبية بدون موجة Q . يوجد دواء آخر جديد مسيل للدم يسمى إينوكسابارين وقد يكون أفضل من الهيبارين.
- معوقات مسقبلات بيتا : وهذه العقاقير تستخدم لإبطاء معدل (سرعة دقات القلب ) لتخفيف عبء الشغل على القلب فلا يعمل فوق طاقته، ولمنع إيقاعات القلب غير الطبيعية. وهي تقلل خطر الوفاة بمرض القلب في الشهور التالية للنوبة القلبية.
- مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (مثبطات ACE) : إذا بدأ استخدام هذه العقاقير في خلال الـ 36 ساعة الأولى بعد النوبة القلبية، فإنها تساعد قلبك على العمل بمشقة أقل وتقلل خطر الوفاة في خلال الـ 30 يوما التالية خاصة إذا كنت تعاني نوبة قلبية شديدة.
– العلاج المذيب للجلطة : بعد حدوث النوبة القلبية عليك بالمكث في المستشفى لمدة تتراوح من 4 إلى 7 أيام. ويعتمد ضبط هذه الفترة الزمنية على شدة النوبة وعلى وجود أو غياب المضاعفات .
وأثناء بقائك بالمستشفى سوف يجري الأطباء لك اختبارات لتقييم مدى كفاءة عمل القلب وتقييم احتمالية حدوث نوبة قلبية أخرى. ويمكن قياس قوة وكفاءة قلبك باستخدام جهاز رسم القلب بالصدى لتحديد موضع الإصابة بالقلب.
وسوف يتم استخدام جهاز المرقاب (المونيتور) لمراقبة حدوث أية إيقاعات غير طبيعية للقلب. وسيجرى لك أيضا اختبار المجهود باستخدام طاحونة الدوس ولكن مدرجة أقل مشقة من الاختبار المعتاد وذلك لمعرفة ما إذا كان يمكنك بأمان مغادرة المستشفى دون أن تضطر لأن تجرى لك أية اختبارات اختراقية أخرى.
وإذا أشار اختبار المجهود إلى وجود مشكلة، أو إذا أصبت بفترات من ألم الذبحة بعد حدوث النوبة القلبية، فإن الخطوة التالية هي إجراء قسطرة للقلب لقياس ضغوط الدم المختلفة داخل غرف القلب وداخل الأوعية الدموية الرئيسية وذلك لقياس درجة شدة مرض الشرايين التاجية .
وإذا كانت المشكلة هي حدوث تضيق في أحد الشرايين مما يمنع تدفق الدم بكميات كافية، فقد يتم اللجوء إلى الإصلاح الشرياني باستخدام البالون وربما الدعامة أيضا لفتح الشريان. وإذا كانت الحالة المرضية قد أصابت شريانين أو ثلاثة أو إذا كان توارد الدم إلى جزء كبير من عضلة القلب يتهدده الخطر، فربما يتم اللجوء حينئذ إلى إجراء جراحة التخطي وذلك لاستعادة تدفق الدم لذلك الجزء.
ويمكن أن تفيد العقاقير في زيادة فرص الحياة للمريض بعد إصابته بالنوبة القلبية، ومن أوائل تلك العقاقير وأشهرها الأسبرين، الذي يقلل احتمال حدوث نوبة قلبية أخرى بنسبة 31%. وثمة عقار آخر قوي مسيل للدم يسمى وارفارين يظهر نتائج مشابهة، ولكنه لا يستعمل بكثرة نظرا لعدم سهولة متابعته ونظرا لخطر تسببه في النزيف.
وإذا كان مستوى الكولستيرول في دمك فوق المتوسط، فإن استخدام عقاقير قوية مخفضة للكولستيرول يمكن أن يساعد في منع الإصابة بنوبة قلبية أخرى. كما أظهرت معوقات بيتا أنها تزيد معدلات البقاء على قيد الحياة، تماما مثل مثبطات ACE ، خاصة في الحالات التي تضمحل فيها قدرات القلب على ضخ الدم.
إن من أصيب بنوبة قلبية واحدة يكون معرضا بدرجة أكبر للإصابة بنوبة أخرى، وللوفاة المبكرة، ومع ذلك فإذا اهتم بمعيشته وغير أسلوب حياته، فإنه يمكن أن يحسن فرص شفائه بعد خروجه من المستشفى .