الشعر المجعد، ربما تظنه الفتاة انه مشكلة وليس له فائدة، لكنه في الحقيقة ذو فائدة كبيرة لبعض الفئات التي تعيش في الجو الحار، وسوف يطلعنا الدكتور عمرو جعفر، اخصائي التجميل والامراض الجلدية العلاج بالليزر، على المزيد حول الحكمة الالهية من خلق الشعر المجعد.
كثيرا ما يأتي لعيادتي بنات من ذوات الشعر المجعد (curly hair) وألاحظ مدي الانزعاج علي وجوههن وكأنهن يندبن حظهن خاصة بعدما فشلت كل المحاولات في التعامل معه ولسان حالهن ( ليه يا رب اشمعني انا ) وقد سمعت بنفسي كلمة في هذا المعني من فتاة قالت لي ( ليه ربنا خلقني كدا ) وهي كلمة قد تكون كفرا والعياذ بالله فلا احد من البشر له أن يقول لرب العالمين لماذا ؟ فنحن عبيده وخلقا من خلقه يفعل بنا ما يشاء..
ولكن في قرارة نفسي كنت موقنا أن خلق الإنسان بشعر مجعد ليس ظلما له أو عبثا وحتما هناك حكمةٍ ما من خلق الله للشعر المجعد
وكنت أتذكر قوله تعالى (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) سورة الدخان الآية 38 -39
فقررت أن استعن بالله وابحث في الأمر .
في البداية أريد أن انوه أن هناك جينات معينة مسئولة عن طبيعة شعر كل إنسان من حيث لونه وشكله ونموه ومعدلات وكيفية سقوطه بعد البلوغ .وتمارس الجينات هذا الدور عن طريق التأثير في بصيلات الشعرة نفسها فمثلا الشعرة المستقيمة المرسلة تجد أن بصيلتها مستديرة أما الشعرة المجعدة فنجد أن بصيلتها بيضاوية أو مسطحة حسب مقدار التجعيد .
طبعا بديهي أن الشعر المجعد صفة غالبة علي أهل المناطق شديدة الحرارة و بالتحديد في القارة الإفريقية..وقد تساءلت لماذا الشعر المجعد صفة ملازمة لأهل المناطق الحارة ؟ فوجدت صفات عجيبة قد وهبها الله للشعر المجعد منها:
** الشعر المجعد يمنع وصول الأشعة البنفسجية إلي الجلد بمعني انه واقي طبيعي من الشمس علي عكس الشعر المرسل الذي يسمح بمرور الأشعة من خلاله إلي الجلد .
** الشعر المجعد يعطي فرصة كبيرة للمخ أن يبرد و أن لا يتأثر بحرارة الشمس بسهولة نظرا لكونه اقل كثافة بالإضافة للفراغات الهوائية التي تتواجد بين الشعر .
** الشعر المجعد يشبه الإسفنجة التي تسمح بدخول الهواء وخروجه بسهولة. وهذه الإسفنجة مع الحر وإفراز العرق -الذي هو عبارة عن ماء في الأساس- مع مرور الهواء بينها تعمل تماما كأنها تكييف بارد .
** الشعر المجعد لا يتأثر بالعرق ولا يفقد طبيعته المنتفخة علي عكس الشعر المرسل الحريري الذي يلتصق بالجلد عند العرق فيسبب الضيق الشديد مع الحر ويتسبب في رفع درجة الحرارة الداخلية .
** طبيعة الشعر المجعد تجعله لا يغطي الأذن ولا يلتصق بالرقبة مما يضمن الراحة مع المناخ الحار .
** الشعر المجعد برغم من انه اقل كثافة وعددا من الشعر المسترسل إلا انه مقاوم جدا للسقوط و للصلع الوراثي.. ومعظم حالات الصلع لدي الشعر المجعد هي نتيجة محاولة فرده بالقوة والمواد الكيميائية.
فقلت سبحان الله !! إن الشعر المجعد في غاية الأهمية بالنسبة لأهالي المناطق الحارة ..وبدونه ربما مات أكثرهم أو علي الأقل لم يستطيعوا التأقلم مع الحياة..
ثم عدت فسألت نفسي لماذا إذا نجد في أمريكا مثلا أصحاب شعر مجعد وأمريكا بعيدة عن خط الاستواء؟
وكانت الإجابة أن صفة الشعر المجعد صفة سائدة في التوريث وليست متنحية ..
وعليه فمن هاجر من وسط إفريقيا إلي أمريكيا سوف يحتفظ نسله بهذه الصفة بل سوف يحتفظ بها معظم النسل لو تزوج من صاحبة شعر مسترسل.
وربما كان هذا مهما جدا في علم الأنساب والأعراق البشرية …
فدرجة التجعيد تختلف بين إنسان يعيش في أمريكا عنه في إنسان يعيش في وسط إفريقيا وأيضا تختلف بطول المدة التي قضاها الجيل بعيدا عن خط الاستواء فدرجة التجعيد سوف تختلف من شخص وُلد أبوه في وسط إفريقيا ثم هاجر إلي أمريكا وعاش بها هو ونسله عن شخص جده السادس مثلا وُلد في وسط إفريقيا ثم هاجر وعاش في أمريكا هو وبقية نسله …
فسبحان الله العظيم وسبحان من لم يخلق شيئا عبثا ولم يخلق شيئا بدون فائدة.