هذه العروس لم يتبق على زفافها سوى أيام.. كانت خائفة كثيراً.. قلقة.. مهمومة.. مشغولة الفكر.. مرهقة النفس.. تشعر بتداخل المشاعر بداخلها.. رهاب وقلق وهم وخوف من الفشل.. خليط من المشاعر.. وحُقَّ لها هذا بل كل هذا طبيعي لكل مقبلة على حياة جديدة مختلفة تماماً عما اعتادت عليه ونشأت.. ورجل غريب وشخصية جديدة عليها.. وعالم آخر.. مسئولية بيت وزوج.. ووسط اجتماعي جديد لم تعتد عليه ولم تألفه بعد.. أهل الزوج وعائلته وأقاربه.. وربما عادات وتقاليد مختلفة عما تربت عليه ونشأت طيلة عمرها.. كل هذا مع مزيد من الهم والخوف الخاص من ليلة الزواج والحفل والحضور و.. و.. الخ.. بصراحة المقبلة على الزواج تملك طاقة جبارة عندما تتحمل كل هذا دون انهيار قبل ليلة الزواج.. بل مع ملاحظة أنها كلما اقترب الموعد هجرت الأكل والنوم وصاحبت السهر والأرق والتفكير.. !
طبعاً لن نفتأ نذكر بأهمية تقوى الله في حياتنا وجميع شؤوننا.. وهذا هو منطلق سعادتنا وسرها الحقيقي.. 1ـ حاولي تهدئة نفسك قدر الإمكان.. اذكري الله باستمرار.. في كل أحوالك سبحي واستغفري.. خاصة الاستغفار الزميه في كل حي.
2ـ أبدت مخاوفها من كيفية تفهمه وخوفها من أهله.. فذكَّرْتُها بمقياس لسعادتها لا يخيب إلا عند من فسدت قلوبهم وضل سعيهم وأراد الله استدراجهم بنعمه الدنيوية عليهم.. إنه الإقلاع والبعد عن المعاصي والذنوب.
فهي ـ والله ـ سبب مشاكلنا وسر تعاستنا في حياتنا وخاصة الحياة الزوجية.. لكل معصية أو ذنب أثر واضح جلي فيما يعقبه من مشاكل أو شقاء في حياتنا.. ولو دققنا ولاحظنا لوجدنا ذلك بيناً جداً.. ألم يقل أحد السلف يوماً (إني لأفعل الذنب فأرى أثر ذلك في خلق دابتي وزوجتي!!) فما بالنا بذنوبنا نحن التي كالجبال؟ لا عجب ولا غرابة إن شقينا وأصبحت أيام سعادتنا محدودة معدودة فهي بما كسبت أيدينا ويعفو عن كثير.. {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِير}.
3ـ الحفل الذي ستقيمه أي عروس.. لابد من مراعاة انتفاء وجود منكرات فيه؛ فبدء حياتنا بهذه المكدرات والمنغصات من الآثام هي بداية لطريقة وحلقة من سلسلة طويلة لعذاباتنا ومشاكلنا الأسرية.. والمنكرات متعددة وكثيرة وسأذكر بعضاً منها على عجل :
* الإسراف في تكاليف تجهيزات الزواج والعروس ومنها : – بطاقات الدعوة التي تطبع بأثمن الأسعار ثم مصيرها حاوية النفايات أكرم الله الجميع ،ثمن الكوافيرة والذي كما سمعت عند البعض يبلغ عدة الاف !!باقي التجهيزات لا داعي لاختيار أغلى الأثمان بل اختاري الجيد مضمونا وسعراً..
* حاولي أن يكون من بين المدعوين أناس محتاجون.. ليحضر الوليمة من يستحقها من المحرومين.. وفي هذا حديث وإن لم يحصل لك ذلك اتفقي مع أي المؤسسات الخيرية على حضورهم بعد العشاء لأخذ ما تبقى وتوزيعه على من يحتاجه.. فنحن نموت بالتخمة وغيرنا يموت من الجوع !!
* احرصي أن يكون المدعوون ممن يتقون الله تعالى حتى لا تحتاجين إلى أمر بمعروف أو نهي عن منكر.. وما أصعبه في مثل هذه الليلة.
* المنهج النبوي أن الاحتفال والضرب بالدفوف للنساء فقط ولم يكن يستغرق الليل كله، بل كان وقتا يكفي لإعلان الناس بالنكاح وإشهاره وإدخال السرور على العروسين وأهليهما والأحباب..
* حاولي لزيادة الخير توزيع مطويات أو أشرطة نافعة، للحضور وستجدي أثمانها متواضعة للتوزيع الخيري والكميات الكبيرة..
* احرصي على حجابك في ليلة زفافك لا يستخفنك الشيطان لتبدئي حياتك بمعصية..
4ـ حتى تنعمي بسعادتك وزوجك وتيسير أموركما لا تجعلي صلاة الجماعة تفوته إطلاقاً، ولو كان أول يوم.. ولو سهرتم.. وثِّقي هذا الرباط بحبل الله.. طبعاً لن يرفض لك طلباً فلا تتردي.. وأخلصي النية لله..
5ـ الزمي الأذكار.. أذكار الصباح والمساء والأذكار الخاصة بكل أعمال المسلم اليومية عند الطعام والشراب واللباس والدخول والخروج.. لأنها بصفة عامة خير وفضل عظيم.. والأمر الآخر هي خير حافظ لك بإذن الله.. ولن تتعبك فهي لا تستغرق وقتاً وجهداً.. ولا تنسي أن تذكري زوجك بها .
6ـ بشكل عام اجعلي ميزانك في كل شيء في حياتك مبدئياً ومستقبلياً طاعة الله ورضاه..
7 ـ ثقي تمام الثقة بأنه (من أرضى الناس بسخط الله أسخط الله وأسخط عليه الناس ومن أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس). هذا الأثر يحتاج لوقفة تأمل من كل من يسعون جاهدين في جميع أمورهم لإرضاء الآخرين والاهتمام بما يقول الناس وما ينال إعجابهم، بغض النظر إن كان فيه رضا الله أو سخطه..
فإن قالت إحداكن البيئة التي حولي لا تساعد ! قلت لها: من استعان بالله أعانه، ومن توكل عليه كفاه، ومن طلب الرضا عنده أرضاه. أسعد الله صاحبتي وكل عروس من فتيات وشباب المسلمين بطاعته وهداهم للحق والهدى، وأبعد عنهم كيد الشيطان ونزغه..اللهم ارزقهم الذرية الصالحة وأسعدهم واجعل كل نساء المسلمين وذرياتهن قرة أعين لأزواجهن واجعلهم هادين مهديين ،وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.