اخبار ليل ونهار. اصحاب الكهف يظهرون في فلسطين. في مشاهد تعيد الى الاذهان قصة الفتية اصحاب الكهف، الذين فرُّوا بدينِهم من مَلكٍ ظالم يعبد الاصنام، حيث انصرفَ هؤلاء الفتية عنه إلى كهفٍ خارج المدينةِ فارّين بدينهم وأنفسهم.
يعيش العديد من اهل فلسطين في داخل الكهوف، اما بسبب قيام سلطات الاحتلال الاسرائيلي بهدم منازلهم، او بسبب الملاحقات، او خوفا من الغارات الاسرائيلية، او من اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين.
وسنشاهد عددا من قصص اهل الكهف في فلسطين، وسنعيش معهم داخل هذه الكهوف لنرى كيف يعيشون، حتى اولا نُقدر نعمة الله تعالى علينا في وجود مسكن ولو بسيط يأوينا نحن واسرتنا، وايضا لكي نرى معاناة اهل فلسطين من سياسات المحتل الاسرائيلي، وليري ويشاهد كل من يهرول الى التطبيع الزائف معهم.
فلسطيني يجعل من الكهف قصرا
تمكن فلسطيني من حفر كهف بباطن الجبل جنوب محافظة الخليل بالضفة الغربية بعد أن أخطرته قوات الاحتلال بأنها ستهدم منزله.
وقال الشيخ فوزي أبو طبيخ إنه أقدم على حفر الكهف بعد أن انتابت أسرته حالة نفسية سيئة جراء شعورهم بعدم الأمان لعدم وجود مأوى آخر لهم غير بيتهم المهدد بالهدم، فوعد أبناءه بعمل “شيء مميز لهم تحت الأرض يجمع بين الماضي والحاضر” وشرع في حفر الكهف الذي استغرق أكثر من عامين.
ويختلف هذا الكهف عن غيره من الكهوف بالمنطقة إذ تبلغ مساحته 300 متر مربع تقريبا وأقيم على طابقين وجهز بطريقة حديثة تصلح للسكن.
ويحتوي الكهف على عدة أقسام منها مصلى، حيث تم تخصيص غرفة لاقامة الصلاة، مع وضع المصليات والاضاءة المناسبة، في جو يساعد على الخشوع في الصلاة.
كما يحتوي الكهف على صالة جلوس مع مدفئة، حيث يتم اضافة الحطب والاخشاب لاشعال النيران في المدفئة، ويجلس الاهل بجوار المدفئة للحصول على قدر من الدفيء في برد الشتاء القارس.
بالإضافة إلى دور علوي يضم غرفة نوم وجاكوزي، وسلم وباب للطوارئ يؤدي لخارج الكهف في حال هجوم مستوطنين عليهم كما يحدث كثيرا.
وما يميز هذ الكهف عن غيره، كما يقول الشيخ فوزي، هو مزج الماضي بالحاضر إذ استخدم الشيخ أثاثا فلسطينيا تراثيا وزينه بصور شهداء فلسطينيين بينما وفر بالكهف أجهزة حديثة مثل التلفاز وأجهزة المطبخ.
وفيما يتعلق باعتداءات المستوطنين، قال الشيخ فوزي إنها اعتداءات مسلحة ومستمرة تهدف لطردهم من المنطقة، ويتعرضون أيضا للأطفال والأغنام التي ترعى بالمنطقة، حيث يقوم المستوطنين بالاعتداء المتكرر على الاغنام والماعز.
ويعيش الفلسطينيون في تلك الكهوف من دون كهرباء، ويعتمدون على اجهزة الطاقة الشمسية التي توفرها المساعدات، وتنقصهم الخدمات الضرورية للحياة، غير أنهم يرفضون الاستسلام لأمر واقع يسعى الاحتلال الإسرائيلي لفرضه عليهم.
ويطالب الشيخ فوزي الجهات الحكومية الفلسطينية بالاهتمام بالشوارع والبنية التحتية من مياه وكهرباء بهذه المنطقة التي تعد من المناطق النائية والمهمشة، كما شجع المواطنين للقدوم إليها وتعميرها.
وتمنع سلطات الاحتلال الفلسطينيين من بناء منازل جديدة فضلًا عن تجديد منازلهم القائمة وصيانته وتطلق حملات إزالة لتلك البيوت.
قصص كفاح وشجاعة
تمسكا بأرضه، وتحديا لمحاولات إسرائيل ترحيله من قريته، عاد الفلسطيني محمد حسن، للسكن مع عائلته في كهف ورثه عن والده، بعدما هدمت قوات الاحتلال، منزله العام الماضي.
ويقول “حسن” إن سلطات الاحتلال الإسرائيلية، تواصل التضييق على السكان الفلسطينيين، بهدف طردهم من مساكنهم والسيطرة على تلك الأراضي لصالح المستوطنين.
وإلى جانب عائلة “حسن” المكونة من 7 أفراد، تسكن نحو 19 عائلة فلسطينية، يبلغ مجموع أفرادها نحو 100 شخص، داخل قرية “المفَقَّرَة” التي تقع على تلّة بها كهوف، جنوبي مدنية الخليل.
ويفتقر التجمع السكاني لأدنى مقومات الحياة، من (شبكة مياه وكهرباء، ومدارس وطرقات).
ويحصل السكان على المياه من “آبار تجميع” مياه الأمطار.
ويعتمد السكان في حياتهم على تربية المواشي (الأغنام والأبقار، والإبل).
وفي السنوات الماضية، حصل السكان على دعم من الاتحاد الأوربي، تمثل بمنحهم مساكن (يتم تركيبها)، وخلايا شمسية لتوليد الكهرباء.
وهدمت إسرائيل أكثر من مرة، مساكن فلسطينية مشيدة بدعم أوربي، وهدمت مسجدا وصادرت مولدا كهربائيا.
ويقول المواطن “حسن”، بينما يعمل مع عائلته على إعادة تأهيل الكهف الخاص به استقبالا لموسم الشتاء، “هنا ولدنا وسنبقى هنا، إسرائيل تسعى لطردنا من أرضنا لتسهيل عملية الاستيلاء عليها من قبل المستوطنين اليهود”.
ويملك “حسن” الأرض التي يسكن فيها، وعنها يقول:” هذه الأرض متوارثة، وتملكها عائلتي منذ ما قبل الاحتلال الإسرائيلي”.
ويسكن أهالي المنطقة في بيوت من الصفيح، بينما تكون الكهوف ملجأهم عند كل عملية هدم مساكنهم من قبل السلطات الإسرائيلية.
وتعتبر “الكهوف” عنصر قوة السكان، حيث يسكنوها للبقاء في أراضيهم ومواجهة المخططات الإسرائيلية.
ويقول السكان إن السلطات الإسرائيلية يمكنها هدم كل ما هو فوق الأرض، لكنها لا تستطيع أن تهدم تلك الكهوف.
كما يعيش المواطن نعمان حمامدة، وعائلته المكونة من 15 فردا في كهف بمساحة 150 مترا مربعا.
ويملك “حمامدة” أوراق رسمية، تثبت ملكيته للأرض التي سكنها منذ ما قبل الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967.
وإلى جوار الكهف، شيّد حمامدة، قبل عدة سنوات، منزلا بدعم من الاتحاد الأوربي.
وحول هذا يقول” الاتحاد الأوربي مشكورا، دعم السكان بمساكن من الصفيح المركب، لكن الاحتلال الإسرائيلي ينوي هدم كل المنشآت بدعوى البناء بدون ترخيص”.
وقال “كيف لعائلة مكونة من 15 فردا أن تسكن في كهف؟”.
واضاف إن “السكان يعيشون حياة صعبة، في ظل المضايقات الإسرائيلية المتواصلة، من منع البناء وعمليات الهدم، ومنع السكان من الحصول على المياه والكهرباء”.
وبالرغم من الادعاء الإسرائيلي بأن المنطقة عسكرية، إلا أنها شهدت تشييد نحو 10 مستوطنات جديدة.
ويشير إلى أنه لا يوجد أي مقارنة بين حال السكان وبين المستوطنين اليهود الذين سكنوا المنطقة قبل عدة سنوات قليلة، حيث تتوفر لهم كل متطلبات الحياة.
وشدد حمامدة على “تمسك السكان بالبقاء في أراضيهم، والعيش في الكهوف لمواجهة عمليات الهدم، والتهجير القسري”.
وعبر “حمامدة” عن أمله بأن يمثل قرار المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية بفتح تحقيق بجرائم إسرائيلية، رادعا لوقف عمليات الهدم.