اخبار ليل ونهار. تقرير نيويورك تايمز: كورونا يضرب السعودية. ماذا يجري في المملكة العربية السعودية هذه الايام؟، وماذا تخفي السلطات السعودية عن الاوضاع الحالية، وما سر تصاعد حالة الفزع والهلع بين السعودييين والمقيمين في السعودية؟
كشفت صحيفة نيويورك تايمز بأن تقريرا للسفارة الأميركية في الرياض رسم صورة قاتمة لما آلت إليه الأوضاع في السعودية جراء انتشار فيروس كورونا على نطاق واسع.
وقد سجلت المملكة العربية السعودية، خلال الايام الماضية، أكبر ارتفاع يومي في حصيلة الاصابات والوفيات الناجمة عن فيروس كورونا المستجد، حيث أعلنت وزارة الصحة السعودية، عن تسجيل اكثر من اربعة الاف إصابة و50 حالة وفاة جديدة بفيروس كورونا المستجد، خلال يوم واحد فقط.
وقد بلغ اجمالي عدد الاصابات بفيروس كورونا في السعودية اكثر من ربع مليون اصابة، في حين وصل عدد الوفيات حوالي الفين حالة، وتكشف الرسوم البيانية الارتفاع الكبير والمتواصل في اعداد الاصابات بفيروس كورونا في السعودية، خلال الاسابيع والايام الماضية.
وتعتبر مدينة الرياض وجدة، من اكثر المدن السعودية تضررا من فيروس كورونا.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن التقرير، الذي جرى تداوله أواخر الشهر الماضي في دوائر ضيقة بالرياض وواشنطن، شبّه الحالة الوبائية في السعودية بتلك التي سادت بمدينة نيويورك في مارس الماضي.
وأضاف التقرير أنه رغم اكتظاظ المستشفيات بالمصابين وانتشار المرض في صفوف العاملين بالمجال الطبي، فإن استجابة الحكومة السعودية لم تكن كافية.
وقالت نيويورك تايمز إن جهاتٍ في السفارة الأميركية مررت المعلومات إلى الكونجرس خارج القنوات الرسمية، معتبرة أن السفير جون أبي زيد ووزارة الخارجية لا يأخذان الأمر على محمل الجد.
وأوضحت أن سائقا سودانيا يعمل في السفارة توفي بالجائحة كما أُصيب العشرات من الموظفين، ووُضع عشرون منهم في الحجر الصحي الشهر الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى أن ضغوطا من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكونجرس دفعت وزارة الخارجية إلى إجلاء طوعي لموظفيها غير الأساسيين والعائلات.
في سابقة من نوعها ستسمح السعودية لنحو ألف شخص فقط لأداء فريضة الحج هذا العام. وسيشمل فقط المقيمين في المملكة بسبب المخاوف من فيروس كورونا المستجدّ، في وقت يتواصل فيه تفشي الوباء في المملكة والعالم.
وقد وصف الكاتب والمحلل التركي حمزة تكين الخطوة السعودية ب”غير المسؤولة” والمعبرة عن “استعلاء السعودية من خلال الاستفراد بالقرار”. واضاف قائلا: ” نحن نشجع كل قرار يحافظ على صحة الناس. لكن الانفراد بقرار ما حول الحج سواء كان سلبيا أو إيجابيا يسجل ضد السعودية وليس لصالحها”. ويرى الكاتب التركي أنه “كان ينبغي على الرياض الاستشارة مع كل البلدان الإسلامية قبل القرار”.
وقد نشرت السعودية مجموعة من الضوابط الوقائية الخاصة بموسم الحج هذا العام بعد السماح لعدد محدود جدا للراغبين من شتى الجنسيات من الموجودين داخل المملكة فقط بأداء الفريضة في ظل تفشي فيروس كورونا.
وأصدر المركز الوطني السعودي للوقاية من الأمراض ومكافحتها البروتوكولات الصحية الخاصة بالوقاية من مرض كوفيد-19، والتي من بينها منع لمس الكعبة والحجر الأسود وارتداء الكمامات واستخدام السجادات الشخصية.
وشددت الضوابط على حرص الجميع على ارتداء الكمامات في جميع الأوقات، من القائمين على مسار الحج والحجاج وجميع العمال، والتخلص منها بالطريقة السليمة وفي المكان المخصص لذلك.
كما تقرر منع لمس الكعبة المشرفة أو الحجر الأسود، أو تقبيلهما، مع وضع حواجز ومشرفين لمنع الاقتراب من هذه الحواجز، فضلا عن منع التزاحم “عند برادات ماء زمزم، ووضع ملصقات أرضية لضمان التباعد الاجتماعي، ومنع الحجاج من استخدام أدوات تخزين المياه، والعلب المستخدمة لتخزين مياه زمزم.
كورونا يضرب اقتصاد المملكة
أعلنت السعودية، وهي الدولة التي كانت تشتهر بأنها لا تفرض أي ضرائب على مواطنيها، أنها قررت مضاعفة الضريبة المضافة ثلاث مرات من 5 في المئة إلى 15 في المئة وإيقاف صرف بدل غلاء المعيشة.
وتأتي هذه الخطوات عقب انهيار أسعار النفط إلى أقل من نصف ما كانت عليه في العام الماضي، مما أدى إلى انخفاض في عائدات الحكومة بلغت نسبته 22 في المئة وإلى تأجيل تنفيذ عدد من المشاريع الكبرى.
وانخفضت الأرباح الكلية لشركة النفط الوطنية السعودية أرامكو بنسبة 25 في المئة في الربع الأول من العام الحالي نتيجة إنهيار أسعار النفط الخام.
وسجلت أسعار النفط أسوأ أداء فصلي في تاريخها خلال الربع الأول الجاري، بسبب تدهور الطلب على الخام بفعل “كورونا” التى أدت لشبه توقف لحركة الانتاج عالميا.
لم يكن وقع إجراءات التقشف التي أعلنت مؤخرا جيدا للكثير من السعوديين الذين كانوا يتطلعون إلى المستقبل المزدهر الذي وعدتهم بها المشاريع العملاقة التي كانت تهدف إلى تنويع الإقتصاد وتقليل إعتماد البلاد على الدخل النفطي.
وتهدف إجراءات التقشف، التي وصفها وزير المالية بأنها “مؤلمة”، إلى توفير مبلغ 26 مليار دولار، ولكن الأضرار الكلية لفيروس كورونا وتدهور أسعار النفط كلفت المصرف المركزي السعودي مبلغا مماثلا في شهر مارس فقط، وبلغ عجز الميزانية في الربع الأول من هذا العام 9 مليارات دولار.
يقول مايكل ستيفنز، وهو محلل متخصص في الشؤون الخليجية، “تعكس هذه الإجراءات حاجة السعودية الملحة لخفض الإنفاق ومحاولة إعادة شيء من الاستقرار إلى أسعار النفط الضعيفة. إن اقتصاد المملكة في وضع سيء للغاية، وستستغرق مهمة إعادته إلى ما يشبه حالته الطبيعية وقتا ليس قصيرا”.
إضافة إلى أزمة انهيار أسعار النفط، يعاني الاقتصاد السعودي بشدة أيضا من انتشار مرض كوفيد 19، خصوصا وأنه (أي الاقتصاد السعودي) يعتمد إلى حد بعيد على الملايين من العاملين الوافدين الآسيويين غير المهرة الذين يقيم الكثير منهم في مساكن مزدحمة تنعدم فيها الشروط الصحية.
ولم تستعد السعودية ثقة المستثمرين الغربيين الكاملة عقب عملية قتل خاشقجي وتقطيع جثته في مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول في عام 2018.
أضف إلى ذلك حرب اليمن التي ما زالت تكلف الخزينة السعودية أموالا طائلة ومنذ خمس سنوات دون أن تحقق أي نتائج ملموسة، كما أدى الخلاف مع قطر إلى تهشيم الوحدة – الظاهرية على الأقل – لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وقال تقرير لموقع “بلومبيرج” الأميركي، أن الأزمة المالية في المملكة مُرشحة لأن تصل إلى مستويات لم تشهدها منذ عقود نتيجة تراجع أسعار النفط الخام بأكثر من 50% وانتشار وباء فيروس كورونا وما نتج عنه من تداعيات خطيرة.
ويأتي التحدي الأكبر حسب تقرير بلومبيرج، من قطر والإمارات اللتين تتمتعان ببنية تحتية متطورة وتمنحان للأجانب حريات فردية أكبر مقارنة بالمملكة.