ماذا يجري في الهند هذه الايام، مشاهد غير مسبوقة، احداث متلاحقة، اصابت العالم اجمع بحالة صدمة شديدة من هول المناظر.
رئيس الوزراء ناريندرا مودي، الذي تسبب في زيادة العنصرية والكراهية ضد المسلمين في الهند، بل ان الكثير من المسلمين قد كانوا ضحايا بسبب سياساته العنصرية المتطرفة، هاهو يدفع الثمن الباهظ الان بعد فوات الاوان، وذلك تصديقا لقول الله تعالى: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ).
في بداية انتشار كورونا، زعمت حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، ان المسلمين هم من نشروا فيروس كورونا في المجتمع الهندي، وكانت الحكومة الهندية قد اتهمت منظمة إسلامية بالتسبب في نشر الفيروس بسبب مؤتمر عقدته قرب نيودلهي، ومن العجيب والغريب حقا، اتهام المسلمين في الهند بالمسئولية عن انتشار فيروس كورونا، بالرغم من انهم اقلية، الا ان المفاجأة المذهلة، ما يحدث هذه الايام في الهند، والذي اعتبره الكثيرون هو عقاب من الله تعالى، حيث أصبحت الهند هي الدولة الأعلى في العالم من حيث الإصابات والوفيات اليومية.
وكان قد سمح رئيس الوزراء الهندي بالانتخابات المحلية في 5 ولايات رغم انتقادات كثيرين قالوا إن الوقت غير مناسب لإجراء الانتخابات، وشارك رئيس الوزراء شخصيا في الحملات الانتخابية التي شملت تجمعات كبيرة تصل إلى مئات الآلاف في مكان واحد.
وبدا مودي فخورا ومعجبا بهذه التجمعات، وقال قبل أيام من تفجر الموجة الجديدة إنه لم ير تجمعات كبيرة كهذه في حياته.
كما خاطب مودي لاحقا حملة انتخابية عن بُعد بواسطة 200 شاشة عملاقة وضعت له في مختلف أماكن ولاية البنغال الغربية، وكان هذا كفيلا بتجمع الملايين بساحات في وقت واحد. ولم يكن غريبا أن ولاية البنغال الغربية التي كانت في أسفل قائمة الولايات المصابة بكورونا قد أصبحت حاليا على رأس الولايات الأعلى إصابة.
كما سمحت الحكومة بإقامة احتفال “كومب” الهندوسي للاستحمام فى النهر المقدس، واستمر الاحتفال عدة ايام تجمع خلاله 8 ملايين حسب الإحصائيات الرسمية.
كذلك سمحت الدولة بمهرجان احتفالي آخر يُسمى مهرجان الألوان، حيث يتجمع ملايين الناس احتفالا بموسم الحصاد وخصوبة الأرض ووداع فصل الشتاء واستقبال فصل الربيع.
وتشير تقارير إلى أن هؤلاء عند عودتهم من الاحتفال نقلوا العدوى إلى كل القرى والمدن التي جاؤوا منها، وقال احد المسئولين، الذي سمح بهذا الاحتفال رغم تحذيرات الأطباء والإعلاميين، إن المياه المقدسة سوف تغسل وتزيل أي فيروس.
براءة المسلمين من نشر كورونا في الهند
ومع الصعوبات الكبيرة التي تواجه السلطات الطبية في توفير الأسرة والأكسجين لمئات آلاف المصابين بكورونا أخذت الأزمة تزداد سوءا بعد سوء بمرور كل يوم، وأخذ عدد المصابين وعدد الوفيات يرتفع كل يوم عن اليوم السابق، وتكشف الرسوم البيانية الارتفاع الصاروخي الغير مسبوق في اعداد المصابين والوفيات يوميا.
وتستند البيانات إلى الإحصاءات الرسمية، وهو ما يعني أن النسبة في الهند قد تكون أعلى بكثير، إذ يعتقد العديد من الخبراء أن عددا كبيرا من الإصابات والوفيات لا يُسجل وسط الضغوط الكبيرة على النظام الصحي المنهار.
وقد تسبب كورونا في موجة غضب عارمة ضد رئيس الوزراء ناريندرا مودي، اصبح الكل غاضبا عليه في الهند، حتى من الهندوس انفسهم.
والمفاجأة المذهلة هي هزيمة حزب مودي في الانتخابات الاخيرة، حيث تعرض حزب “بهاراتيا جاناتا” القومي الهندوسي الحاكم في الهند برئاسة ناريندرا مودي للهزيمة في انتخابات محلية جرت في 5 ولايات أبرزها ولاية البنغال الغربية.
وخسر مودي الانتخابات في الولاية الواقعة بشرق البلاد رغم تسخيره كل الإمكانات لكسب هذه الانتخابات، وقد أنعشت هزيمة مودي في البنغال الغربية أحزاب المعارضة وتوعدت بهزيمة حزبه فى الانتخابات العامة التي ستجرى عام 2024.
ورغم تعرضه لانتكاسات قبل وبعد الانتخابات المحلية الأخيرة، فإن رئيس الوزراء الهندي لا يواجه تهديدا يحول دون استكمال ولايته الحالية حتى عام 2024، الا اذا حدثت ثورة شعبية تطيح به او انقلاب عليه او حتى قام بالتنحى من نفسه.
يقول منتقدو مودي إن خروج الأزمة عن دائرة التحكم وعجز المستشفيات عن استقبال المصابين وموت الآلاف يوميا، بسبب عدم توفر الأكسجين وعدم توفير اللقاحات بصورة كافية، قد نال من النفوذ الذي اكتسبه مودي بحكمه الهند بيد من حديد خلال السنوات السبع الماضية.
وبدأ العديد من الكتّاب والصحفيين يعبرون عن إحباطهم بفشل مودي في قيادة البلد، ونشر رسامون لأول مرة رسومات تسخر من مودي وتبرز عيوبه بقسوة، ولأول مرة تظهر كتابات في صحف ومواقع إخبارية مهمة تنادي برحيله، ومن ذلك توقيع 400 ألف شخص في ليلة واحدة على عريضة على الإنترنت تطالب باستقالة مودي.
ويقول مراقبون إنه حتى وقت قريب لم يكن يتجرأ أحد على انتقاد مودي أو نشر مقال يعرض به أو ينتقده إلا تعرض للعقاب الفوري من الأجهزة الأمنية للحكومة.
وقد نشرت مجلة “فورين بوليسي” مقالا يرى كاتبه أن ما يحدث في الهند الآن أكبر من مجرد أزمة صحية بسبب تفشي وباء كورونا، بل هو مذبحة عجّل بها سلوك زعيمها ناريندرا مودي المولع بنفسه.
فقد أصدر حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي المتشدد الذي ينتمي إليه مودي بيانا في فبراير الماضي يشيد بـ”قيادته التي قدمت الهند إلى العالم كدولة فخورة ومنتصرة في الحرب على كورونا”، وقال الحزب إنه “يمكن القول بكل فخر إن الهند هزمت كورونا في ظل القيادة القديرة والحساسة والملتزمة وذات البصيرة لرئيس الوزراء ناريندرا مودي”.
في كل الأحوال، فإن ما نتعلَّمه من التجربة الهندية القاسية الحالية هو أن اصطلاح “موجة ثانية” أو “موجة ثالثة” قد يكون مُضلِّلا، ذلك لأن الفيروس لا يختفي بالمعنى الذي يفهمه الناس، فيتسابقون على الخروج والاحتفال، لكن الفكرة أن هناك بؤرا جديدة تنفجر فجأة بعد هدوء قد يقصر أو يطول.
الأمر كذلك في حالة كورونا المستجد، فرغم أن بعض دول العالم العربي تواجه انخفاضا في أعداد الحالات، والبعض الآخر قد نسي أصلا أن هناك فيروسا شرسا يتجوَّل في الطرقات، ربما لأنه ملَّ من أخباره، فإن بؤرا جديدة قد تظهر في أي وقت، قد تُسبِّبها نشاطات بشرية تظن أنها عادية، مثل تزاحم الأعياد أو المهرجانات، أو حتّى فرح أو جنازة أو مباراة كرة قدم.