لماذا يكره الله تعالى المسرفين والمبذرين؟

لماذا يكره الله تعالى المسرفين والمبذرين؟. بالرغم من ان كثيرا من الدول العربية يعيش مواطنيها في حالة من الفقر والحاجة، الا ان بعض الناس، سواء اغنياء او فقراء، قد يسرفون في بعض الامور المادية.

قال تعالى: ﴿وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف: 31]، قال الجُرجاني في التعريفات: “الإسراف: إنفاق المال الكثير في الغرض الخسيس، وتجاوُز الحد في النفقة، وقيل: أنْ يأكل الرجل ما لا يحل له، أو يأكل مما يحل له خارج الاعتدال ومقدار الحاجة، وقيل: الإسـراف تجاوز في الكَمية، فهو جهل بمقادير الحقوق، وصـرف الشـيء فيما ينبغي زائدًا على ما ينبغي، بخلاف التبذير”.

بالفيديو.. دعاء شامل وكافي لكل مبتلى ومريض ومحتاج ومظلوم

وهذا الصنف من الناس الذي لا يحبه الله جل جلاله ذكره القرآن الكريم في الآيتين مع الطعام والشراب واللبس، قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأنعام: 141]، وقال تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف: 31]؛ ذلك أنَّ الطعام والشراب يحرِّك شهوات البطن، وكأن الإنسان الذي يمارس الإسـراف في الطعام والشراب يقترب من الأخلاق البهيمية، ويتنكر للمقام البشري الذي خلقه الله جل جلاله وكرمه.

أما الإسراف في اللبس، فإنه يحرك شهوة الكِـبْر في قلب الإنسان، فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قال: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بَيْنَمَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ مِنَ الخُيَلاَءِ خُسِفَ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الأَرْضِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ))، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا ينظرُ الله إلى مَنْ جرَّ ثوبَهُ خُيلاءَ)).

بالفيديو.. دعاء ان قولته يجمع لك خيري الدنيا والاخرة في اقل من نصف دقيقة

وجاء في الكسب للشيباني: “وكل أحد منهي عن إفساد الطعام، وفي الإفساد الإسـراف؛ وهذا لما روي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن القيل والقال، وعن كثرة السؤال، وعن إضاعة المال، ثم الحاصل أنه يحرم على المرء فيما اكتسبه من الحلال الإفساد والسَّرَف والمخيلة والتفاخر والتكاثر.

وقال جل وعلا: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان: 67]، فذلك دليل على أنَّ الإسراف والتقتير حرام، وأن المندوب إليه ما بينهما، وفي الإسـراف تبذير، وقال الله تعالى: ﴿وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)﴾ [الإسراء]، ثم السَّـرَف في الطعام أنواع، فمن ذلك: الأكل فوق الشبع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ما ملأ ابنُ آدم وعاءً شرًّا من البطن، فإنْ كان لا بد فثُلُثٌ للطعام، وثُلُثٌ للشراب، وثُلُثٌ للنَّفَس))، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يكفي ابن آدم لُقيمات يُقِمْنَ صُلبَه، ولا يُلام على كفاف))، ولأنه إنما يأكل لمنفعة نفسه، ولا منفعة في الأكل فوق الشبع، بل فيه مضـرَّة، فيكون ذلك بمنزلة إلقاء الطعام في مزبلة، أو شرًّا منه، ولأنَّ ما يزيد على مقدار حاجته من الطعام فيه حق غيره، فإنه يسد به جوعته إذا أوصله إليه بعوض أو بغير عوض، فهو في تناوله جَانٍ على حق الغير، وذلك حرام، ولأن الأكل فوق الشبع ربما يمرضه فيكون ذلك كجراحته نفسه، والأصل فيه ما رُوي أنَّ رجلاً تجشَّأ في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: ((نحِّ عنا جُشَاءَك، أمَا علمت أنَّ أطول الناس عذابًا يوم القيامة أكثرهم شبعًا في الدنيا؟)).

فيديو.. لهذه الاسباب يحاربون المساجد الان

من أنواع الإسراف:

1- الإسراف في الطعام والشراب واللباس: قال تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف: 31]، وعن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: “إيَّاكم والبطنة من الطَّعام والشراب؛ فإنَّها مفسدة للجسد، مورثة للسقم، مكسلة عن الصلاة، وعليكم بالقَصد فيهما؛ فإنَّه أصلح للجسد، وأبعد من السرف، وإنَّ الله تعالى ليبغض الحبر السمين، وإنَّ الرجل لن يهلك حتى يؤْثر شهوته على دينه”.

2- الإسراف في المعاصي والذنوب: وإنَّ ذلك يؤدِّي إلى القنوط من رحمة الله؛ قال تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53].

بالفيديو.. طبيب مسيحي يتحدى الداعية ذاكر: جاوب سؤالي وساعتنق الاسلام الان!

3- الإسراف في إنفاق الحلال: قال تعالى: ﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأنعام: 141]، قيل: معناه: ولا تسرفوا في الإعطاء، فتعطوا فوقَ المعروف، وقال أبو العالية: “كانوا يُعطون يوم الحصاد شيئًا، ثم تباروا فيه وأسرفوا، فأنزل الله: ﴿وَلَا تُسْرِفُوا﴾، وقال ابن جُرَيْج: “نزلت في ثابت بن قَيْس بن شَمَّاس، جذَّ نخلًا، فقال: لا يأتيني اليوم أحد إلَّا أطعمتُه؛ فأطعم حتى أمسى وليست له ثمرة، فأنزل الله: ﴿وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾.

4- الإسراف في القَتل: قال تعالى: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾ [الإسراء: 33]، قالوا: معناه: فلا يسرِف الوَليُّ في قَتل القاتل؛ بأن يمثِّل به، أو يقتصَّ من غير القاتل، وقيل: فلا يتجاوز الحدَّ المشروع فيه؛ بأن يَقتل اثنين مثلًا والقاتل واحد كعادة الجاهليَّة؛ فإنهم كانوا إذا قُتل منهم واحد قَتلوا قاتلَه وقتلوا معه غيرَه.

5- الإسراف في أكل أموال اليتامى: قال تعالى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا﴾ [النساء: 6]؛ فعن ابن عباس أنَّه قال: “يأكل الفقير إذا وَلي مالَ اليتيم بقدر قيامه على ماله ومنفعته له، ما لم يسرِف أو يبذِّر”، وعن ابن عمر أنَّه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ليس لي مال، وإنِّي وليُّ يتيم؟ فقال: ((كُل مِن مال يتيمك غير مسرِف ولا متأثل مالًا، ومن غير أن تقي مالك بماله)). أخرجه أبو داود.

الآثار والمضار:

1) خسارة محبَّة الله تبارك وتعالى، ومجلبة غضبه وسخطه.

2) سلوك طريق التبذير والإسراف انتِساب لأخوَّة الشياطين.

3) الضعف والخور وعدم القدرة على تحمُّل الصِّعاب والشدائد.

بالفيديو.. ان دعوت بهذا الدعاء فرج الله عنك الكرب والهم ورفع الظلم والبلاء ان شاء الله تعالى

4) جلب الأمراض للجسد والقسوة للقلب والخمول للفكر.

5) يطبع المجتمع بطابع الانحِلال والكسَل والعجز؛ فيصبح عالَة على غيره، خاملًا مبتعدًا عن الاجتهاد والإبداع والتميُّز.

العلاج:

1- الاستسلام لأوامر الله سبحانه وتعالى، والابتعاد عمَّا نهى عنه من الإسراف أو التبذير؛ بل سلوك طريق الاعتدال.

2- التأمُّل في سيرة النَّبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضي الله تعالى عنهم، والتابعين، في وسطيَّتهم وتعاملهم مع الحياة.

3- تذكُّر أحوال المسلمين من الفقراء والمحرومين والمنكوبين والمكلومين في بِقاع الدنيا؛ فهو كَفيل لردع النَّفس عن السرف.

4- الابتعاد عن الوسَط المسرف على نَفسه من المترفين والعصاة، والاقتراب من المنكسِرة قلوبُهم لربِّهم، المعتدلين في معاشهم.

5- الاهتمام بتَوجيه الزوجة وحضها على سلوك الاقتصاد في المعيشة، وتربية الأولاد على ذلك، وعدم الرضوخ لمتطلباتها التي تَحمل في طيَّاتها سرفًا وتبذيرًا.

الحفاظ على النعمة تزيد نعم الله تعالى:

ينبغي للإنسان إذا وجد خبزا أو غيره مما له حرمة، مما يؤكل، أن يرفعه من موضع المهنة إلى محل طاهر يصونه فيه، لكن لا يُقَبِّلُهُ ولا يرفعه فوق رأسه كما تفعله العامة؛ فإنه بدعة.، وهذا الباب مجرَّب، فمن عظَّم الله بتعظيم نعمه لطف به وأكرمه، وإن وقع بالناس شدة جعل له فرجا ومخرجا.

وقد جاءت النصوص تأمر برفع الطعام الساقط على الأرض:

فعَنْ جَابِرٍ بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ أَحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ شَأْنِهِ، حَتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعَامِهِ، فَإِذَا سَقَطَتْ مِنْ أَحَدِكُمْ اللُّقْمَةُ فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى، ثُمَّ ليَأْكُلْهَا وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ، فَإِذَا فَرَغَ فَلْيَلْعَقْ أَصَابِعَهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ تَكُونُ الْبَرَكَةُ)) رواه مسلم.

وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَكَلَ طَعَامًا لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ، قَالَ وَقَالَ: إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْهَا الْأَذَى وَلْيَأْكُلْهَا وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَسْلُتَ الْقَصْعَةَ، قَالَ: فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّ طَعَامِكُمْ الْبَرَكَةُ) رواه مسلم.

ماذا سيحدث لك عن قراءة سورة الكهف يوم الجمعة ؟

يقول النووي رحمه الله في “شرح مسلم”: معناه والله أعلم: أن الطعام الذى يحضره الإنسان فيه بركة، ولا يُدرى أن تلك البركة فيما أكله، أو فيما بقي على أصابعه، أو في ما بقي في أسفل القصعة، أو فى اللقمة الساقطة، فينبغي أن يحافظ على هذا كله لتحصل البركة، وأصل البركة الزيادة وثبوت الخير والإمتاع به، والمراد هنا والله أعلم: ما يحصل به التغذية، وتسلم عاقبته من أذى، ويُقَوِّي على طاعة الله تعالى وغير ذلك” انتهى.

شاهد ايضا

كيف تجعل العام كله رمضان في خطوات سهلة جدا