هناك مواسم للخيرات يجب على كل مسلم اغتنامها، حيث خصَّ الله سبحانه وتعالى بعض الأمكنة والأزمنة بفضائل ومزايا، حيث ضاعف فيها الأجر والثواب، ومن هذه الأزمنة التي خصَّها الله بفضائل العشر الأول من ذي الحجة، فقد جعل الشرع الأعمال الصالحة فيها أفضل من الجهاد في سبيل الله، فعلى العبد أن يكثر فيها من الأعمـال الصّالحة، كالصّلاة والزّكاة والصوم والصدقة وغيرها.
ومن افضل الاعمال في ايام العشر من ذي الحجة إلى آخر أيام التشريق، الاكثار من التكبير في جميع الاوقات والاماكن، في البيوت والشوارع والمواصلات والاسواق والمحلات، بالاضافة الى التكبير بعد كل صلاة مفروضة، من صلاة الصبح يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، وأيام التشريق هي ثلاثة أيام بعد يوم الأضحى.
وهي أفضل أيام الدنيا كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (أفضل أيام الدنيا أيام العشر).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مامن أيّام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد).
وأخرَج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه – قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (لأنْ أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحبُّ إليّ مما طلَعت عليه الشمس).
وجاء رجلٌ يشكو إلى رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – كثرة شرائع الإسلام عليه، ويَطلب منه إرشاده إلى ما يَتمسَّك به؛ ليصلَ به إلى الجنَّة، فبماذا أجابَه الحبيب – صلى الله عليه وسلم؟ عن عبدالله بن عمر – رضي الله تعالى عنهما – أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله، إنَّ أبواب الخير كثيرة، ولا أستطيع القيام بكلِّها؛ فأخبرني بما شِئت أتشبَّث به ولا تُكثر عليّ فأنسى، وفي رواية: إنَّ شرائع الإسلام قد كَثُرت عليَّ، وأنا قد كَبِرت؛ فأخبِرْني بشيء أتشبَّث به، قال: (لا يزال لسانك رطبًا بذِكر الله تعالى)؛ أخرَجه الترمذي.
معنى التكبير؟
يعرف التكبير بأنه تعظيم الله تعالى وأنه لا مثيل له، وانه سبحانه وتعالى اكبر من اي شيء.
قال الله تعالى: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا).
طريقة التكبير في ايام العشر من ذي الحجة
صيغ التكبير الأمر فيها واسع، ويجوز التكبير بأي صيغة، منها على سبيل المثال:
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.
اللهُ أكْبَرُ، اللهُ أكْبَرُ، لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ، والله أكْبَرُ الله أكبر ولِلَّهِ الحَمْدُ.
الله أكبرُ كبيرا، والحمدُ للَّه كثيرا، وسُبْحانَ اللهِ بُكرةً وأصيلا، لا إلهَ إلا اللهُ، ولا نعبدُ إلا إيَّاه، مخلصين له الدِّينَ ولو كره الكافرون، لا إله إلا اللهُ وحدَهُ، صدَقَ وعده، ونصرَ عبدَه، وهزم الأحزابَ وحده، لا إله إلا الله واللهُ أكبرُ.
الله أكبرُ كبيرا، والحمدُ للَّه كثيرا، وسُبْحانَ اللهِ بُكرةً وأصيلا، لا إلهَ إلا اللهُ، ولا نعبدُ إلا إيَّاه، مخلصين له الدِّينَ ولو كره الكافرون، لا إله إلا اللهُ وحدَهُ، صدَقَ وعده، ونصرَ عبدَه، وهزم الأحزابَ وحده، لا إله إلا الله واللهُ أكبرُ.
ولقد كان ابن عمر وأبو هريرة رضى الله عنهما يخرجان إلى السوق فيكبران ويكبر الناس على تكبيرهما.
معنى التحميد؟
لا بد للانسان من حمد الله تعالى وشكره على نعمة التي انعم عليه بها، فبالتحميد وشكر الله يزداد رزق المؤمن ويعطيه الله من الخيرات ما لا يعد ولا يحصى، وقد ذكر التحميد ايضا في القرآن الكريم بعدة ايات منها:
– قول الله تعالى: (وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
– قول الله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ).
– وقول الله عز وجل: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ).
معنى التهليل؟
التهليل اصطلاحا هو ان يرفع المسلم صوته او يخفيه بقول لا اله الا الله، ففي هذة الكلمات يذكر الانسان ربه ويؤمن بأن الله واحد لا شريك له وان الله قادر على كل شيء، وقد ذكر التهليل في عدة ايات من القرآن الكريم ومنها:
– قول الله تعالى: (كَذَٰلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَٰنِ ۚ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ).
– وقول الله تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ).
– وقول الله عز وجل: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ).
اهمية ذكر الله تعالى
إنَّ المتأمِّل في نصوص الكتاب والسُّنة، لَيرَى عجبًا في بيان أهميَّة الإكثار من ذِكر الله تعالى، ففي الجِهاد في سبيل الله وحال مُلاقاة الأعداء، يأمر الله تعالى بالثبات وبالإكثار من ذِكره؛ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الأنفال: 45].
وبعد أداء الصَّلاة التي هي من أعظم العبادات، يوصي ربُّنا بذكره؛ ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ [النساء: 103].
وبعد أداء صلاة الجمعة يوصينا ربُّنا؛ ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الجمعة: 10].
وفي مناسك الحج يأتي الأمر بذِكر الله في ثنايا أعمال الحجيج؛ ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ [البقرة: 200].
وبالجملة: يوصينا ربُّنا – سبحانه – بالإكثار من ذِكره، فيقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب: 41 – 42].
دعاء يوم عرفة
يوم عرفة هو يوم دعاء وابتهال إلى الله، وحَرِيّ بالمسلم أن يتعرّض لنفحات الله، ورحماته، فيُكثر من الدعاء، ومن ذلك الدعاء الذي ورد عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير).