من فضل الله تعالى علينا، تعدد وتكرار الايام والمواسم ذات الثواب الكبير والفضل العظيم، ومن هذه الايام يوم “عاشوراء”، فهو من الأيام العظيمة التي سن النبي صلى الله عليه وسلم لنا صيامه، وليس هذا اليوم لموسى عليه السلام، بل هو لنجاة أهل الإيمان، فسبب صيامه أنه يوم نجى الله فيه موسى، وأغرق فرعون وجنوده، وغشيهم من اليم ما غشيهم، فصامه النبي صلى الله عليه وسلم، وألزم الصحابة بصيامه متابعة لموسى عليه السلام، وشكرًا لله تعالى، فلما فرض الله شهر رمضان، نسخ ذلك الحكم، وأصبح صيامه سنة.
يوم عاشوراء من أيام الله المشهودة، وله شأنٌ عظيم في قلوب المؤمنين، حيث يستحضرون فيه نصرة الله تعالى لأنبيائه، ويستذكرون أنّه اليوم الذي نجّى الله -سبحانه- فيه موسى -عليه السلام- من فرعون وجنده، بعد أنْ أغرقهم الله، وكفّ أذاهم عن موسى ومن آمن معه، في مشهد يُرسّخ الإيمان بالنّصر والتمكين في قلوب الصابرين على دينهم، وقد كان موسى عليه السلام، يصوم هذا اليوم شُكرا لله سبحانه وتعالى، على نعمته وفَضْله.
فضل صيام يوم عاشوراء
صيامه يكفر السنة الماضية: ففي صحيح مسلم أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن صيام عاشوراء فقال: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله).
وقد تحري الرسول صلى الله عليه وسلم، صيام هذا اليوم: روى ابن عباس قال: (ما رأيت النبي يتحرى صوم يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء). البخاري.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس ليوم فضل على يوم في الصيام إلا شهر رمضان ويوم عاشوراء). الطبراني.
كما انه من فضائل يوم عاشوراء، وقوع هذا اليوم في شهر الله المحرم الذي يسن صيامه: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل).
كان صومُ يوم عاشوراء من شهر الله المحرم واجبًا في الابتداء قبل أنْ يُفْرض رمضان، فلما فُرض رمضان، فمَنْ شاء صام عاشوراء ومَنْ شاء ترك، ففي البخاري، ومسلم، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: (قدم النبي صلى الله عليه وسلم، المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: فأنا أحق بموسى منكم فصامه صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه).
كيف تصوم يوم عاشوراء؟
اختلف العلماء في حكم إفراد يوم عاشوراء بالصيام، فيرى الحنفية كراهية إفراد عاشوراء بالصيام مع حصول الأجر المترتب على صومه، أما جمهور العلماء فيرون عدم كراهية إفراد عاشوراء بالصوم وهو الراجح، ورجحه الشيخ ابن تيمية وابن باز وابن عثيمين رحمهم الله وغيرهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الفتاوى الكبرى: “صيام يوم عاشوراء كفارة سنةٍ ولا يكره إفراده بالصوم”. وقال ابن حجر الهيتمي في كتابه تحفة المحتاج في شرح المنهاج: “وعاشوراء لا بأس بإفراده”.
وقد سئلت اللجنة الدائمة هذا السؤال، فأجابت بما يلي: “يجوز صيام يوم عاشوراء يوما واحدا فقط، لكن الأفضل صيام يوم قبله أو يوم بعده، وهي السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (لئن بقيت إلى قابل لأصومنَّ التاسع). رواه مسلم.
والخلاصة، يمكن صيام يوم عاشوراء بمفرده، والأفضل التاسع مع العاشر، فإن صام العاشر والحادي عشر أو صام الثلاثة فكله حسن، فإن صام التاسع والعاشر والحادي عشر كله طيب، وفيه مخالفة لليهود، فإن صام الشهر كله فهو أفضل وأفضل.
حكم عاشوراء لو وافق الجمعة أو السبت: قد ورد النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصوم، والنهي عن إفراد يوم السبت بالصوم، لكن تزول هذه الكراهية إذا صامهما بضمّّ يوم معها، أو إذا وافق ذلك يوما مشروعا صومه، مثل يوم عرفة وعاشوراء، أو الأيام البيض ونحوها، لذلك يجوز صيام يوم عاشوراء بمفرده في يوم الجمعة او السبت، وان كان الافضل صيام يوم قبله او بعده.
افعل هذا الشيء يوم عاشوراء يغفر الله لك ذنوب ومعاصى العام كله بإذن الله تعالى
بدع عاشوراء
وأما ما ورد في بعض الأحاديث من استحباب الاختضاب والاغتسال والتوسعة على العيال في يوم عاشوراء فكل ذلك لم يصح منه شيء، قال حرب: سألت أحمد عن الحديث الذي جاء في من وسع على أهله يوم عاشوراء فلم يره شيئًا. وقال ابن تيمية: لم يرد في ذلك حديث صحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا عن أصحابه ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين، ولا روى أهل الكتب المعتمدة في ذلك شيئًا، لا صحيحًا ولا ضعيفًا، ولا يعرف شيء من هذه الأحاديث على عهد القرون الفاضلة.
قال ابن رجب: وأما اتخاذه مأتما كما تفعل الرافضة لأجل قتل الحسين فهو من عمل من ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن صنعًا، ولم يأمر الله ولا رسوله باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتمًا فكيف بمن هو دونهم.