عن معاذ بن جبل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود)، رواه الطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الإيمان، والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة 3/436 (حديث رقم 1453) وفي صحيح الجامع برقم943، والعلماء قديما بينهم خلاف فيه.
كيف تجعل العام كله رمضان في خطوات سهلة جدا
وفقه هذا الحديث أن المسلم كيِّس عاقل، يتوكل على الله تعالى، في تحصيل كل مقاصده، وكل ما يسعى إليه من الخير، ويأخذ بالأسباب التي تؤدي إلى ذلك، ومن حسن عقل المؤمن أن يعلم أن الخير الذي يسعى إليه، ربما واجهه بعض الناس بالحسد والكراهية، كما هو واقع من كثير من الخَلْقِ، بل ربما سعوا في إفساد الأمور عليه، وإيصال الضرر إليه، ولذلك كان من حسن عقل المؤمن أن يكتم مثل هذه الأمور حتى تتم وتنجح، ثم بعد ذلك لا ضرر عليه لو أخبر بعض الناس بذلك.
ويدل على جواز كتمان النعم، خوفا من الحسد، قوله تعالى: (قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ).
وهذا له أمثلة كثيرة لا تحصى، فمن ذلك مثلا أمر الخِطْبَةِ والعزم على الزواج، وأمور الصفقات التجارية، وأمور الوظائف؛ وغير ذلك من الأمور التي أشار إليها النبي عليه الصلاة والسلام بأوجز عبارة، وأبلغ كلمة: (فإن كل ذي نعمة محسود).
فالكتمان يكون قبل حصول الحاجة، فإذا حصلت، وأنعم الله عليه ببلوغه ما يريد، فإنه يتحدث بالنعمة ويشكر الله عليها، ما لم يخش من حاسد.
كتمان الحوائج واظهار النعمة
هذا لا يعارض قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده)، فصاحب النعمة يتنعم بها، وتظهر عليه، لكن لا يغالي في ظهور النعمة، وإن تفرس في بعض الناس أنهم أهل حسد، وأصحاب عيون فارغة ولا يتقون الله، فلا يظهر هذه النعمة عليهم، ويظهر النعمة على من يثق بدينه، ولا يحسد، ويرضى بقدر الله عز وجل، فلا تعارض بين الحدثين، والله أعلم.
فيديو.. لهذه الاسباب يحاربون المساجد الان
وقال القاسمي رحمه الله، بخصوص الاية الكريمة: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) أي: بشكرها وإظهار آثارها، فيرغب فيما لديه منها، ويحرص على أن يصدر المحاويج عنها. وهذا هو سر الأمر بالتحدث بها.
شاهد ايضا
بالفيديو.. طبيب مسيحي يتحدى الداعية ذاكر: جاوب سؤالي وساعتنق الاسلام الان!