اخبار ليل ونهار. اغرب صفة يتميز بها الألمان وسبب تفوقهم الباهر !. يتميز الالمان بالمهارة والدقة والاحترافية الشديدة، ولا غرابة ان اشهر وارقى السيارات الفارهة هي صناعة المانية، منها المرسيدس وBMW.
مهارةٌ حاسمةٌ تتحلى المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بقدرٍ وافرٍ منها، فكيف يمكنك الاستفادة منها وغرسها في نفسك؟ يألف الناطقون بالألمانية – وربما غير الناطقين بها – المباهج التي تبعثها في النفس تلك الكلمات المُرّكبة التي تتضمنها تلك اللغة.
وتعبر هذه الكلمات عن معانٍ لا تستطيع اللغة الإنجليزية التعبير عنها بنفس الطريقة، على غرار مفرداتٍ مثل “schadenfreude” (بمعنى الشماتة، أو الشعور بالسعادة بفعل رؤية ألمٍ الآخرين)، أو ” wanderlust”(بمعنى حب السفر والترحال)، أو “doppelgänger” (بمعنى يبدو مشابهاً).
أما إذا أردت إبهار رئيسك في العمل فثمة صفة تعبر عنها اللغة الألمانية على أفضل وجه بكلمة “sitzfleisch”، وتعني هذه الكلمة حرفياً “لحماً جالساً”، وهو مصطلحٌ يُشار به إلى “عجيزة المرء” أو “مؤخرته”.
لكن لهذه المفردة الألمانية دلالات قويةً في بيئة العمل، إذ تشير ضمناً إلى ما هو أكثر من ذلك بكثير. فاتصاف شخصٍ ما بالسمة التي يشير إليها هذا المصطلح، يعني أنه قادرٌ على البقاء جالساً بثبات لتلك الفترات الطويلة من الوقت التي تلزم لأن يكون المرء منتجاً بحق.
وتفيد هذه المفردة كذلك إلى تحليك بالقدرة على التحمل خلال المواقف العصيبة، وقدرتك على البقاء ملتزماً بالمهمة المنوطة بك حتى منتهاها.
ويقول بول جويس، وهو محاضرٌ مخضرمٌ في اللغة الألمانية بجامعة بورتسموث البريطانية: “رأيت من يترجم (هذا المصطلح) بكلمة الجَلَدْ. لكنني أعتقد أن التعبير الأفضل هنا هو `التحلي بالقدرة على المكوث في المكان نفسه` أي أنك تستطيع الجلوس في مكانٍ واحدٍ لفترة طويلةٍ من الوقت”.
وعلى أي حال، تُعرف اللغة الألمانية بمفرداتها المركبة الطويلة ذات الطابع الكوميدي في بعض الأحيان، مثل كلمة واحدة طويلة تعني “ربان في شركة الدانوب للبواخر” أو كلمة أخرى واحدة تعني “قانون الإجراءات الخاصة بوسم اللحم البقري وتصنيفه”.
وتشيع في اللغة الألمانية بشدة مسألة تركيب الكلمات لصياغة مصطلحات ومفرداتٍ جديدة، إلى حد أن الكاتب الأمريكي الساخر مارك توين، الذي كان يضمر مشاعر مركبةً حيال الألمان يمتزج فيها الحب بالبغض، شكا ذات مرة من أن “بعض الكلمات الألمانية طويلةٌ للغاية بقدرٍ يجعل لها رسماً منظورياً” وهو ذاك الذي تُجسد فيه الأجسام المرئية على سطحٍ منبسطٍ.
وفي هذا السياق، تشكل مفردة “sitzfleisch” مثالاً رائعاً على كيف يمكن لهذه الكلمات المُركبة أن تحشد في داخلها معاني إضافية، بمجرد وضع الأجزاء المكونة لها واحداً بجانب الآخر.
ويقول جويس في هذا الشأن: “توجز اللغة الألمانية في كلمةٍ واحدةٍ بعينها، ما يمكن أن يتطلب التعبير عنه بالإنجليزية استخدام سبع أو ثماني مفرداتٍ تقريباً.. يكمن الجانب الفكاهي هنا في ذلك التكثيف الذي تتسم به الكلمة، وفي حقيقة أنها تعبر عن شيءٍ ما بذاك الشكل الموجز الذي لا نستطيع أن ندانيه على الإطلاق”.
وإذا عدنا إلى كلمة “sitzfleisch” تحديداً، سنجد أن قول شخص ما إنك تتحلى بها يمثل عادةً إطراءً على الصعيد المهني، إذ أنها تعني في هذا الحالة إيمان هذا الشخص بأنك قادرٌ على التركيز لفترةٍ طويلةٍ تكفي لإتمام مهمة عسيرة، أو إكمال عملٍ ما هناك حاجةٌ إلى إنجازه.
أما إذا قلنا إنك لا تتمتع بهذه الصفة، فسيمثل ذلك – على نحوٍ خاصٍ – وسيلةً للإيحاء بأنك قد تكون متقلباً أو طائشاً أو عاجزاً عن أن تركز اهتمامك على أمرٍ بعينه في وقتٍ محدد.
وعلى سبيل المثال، لن يكون من المستغرب أن تسمع الأشخاص الأكبر سناً وهم يشتكون من أن الشباب المستهتر يفتقر إلى تلك السمة، لأنه لا يستطيع البقاء في مكانٍ واحدٍ لوقتٍ يكفي لإنجاز وإتمام أي شيء.
ولكن هذا ليس المعنى الوحيد لهذه الكلمة، إذ يمكن أن تعني في بعض الحالات جلوس المرء ساكناً في انتظار أن تحل المشكلات أو المواقف العصيبة نفسها بنفسها. وفي هذا السياق، ستظل تلك المفردة تحمل في طياتها معنى الجَلَدْ والثبات، ولكنه ثبات من ينتظر دون الإقدام على أي تصرفٍ عمليٍ، لا ثبات من يتحمل الصعاب وهو يشق طريقه ويعمل بشكلٍ مضنٍ رغم كل العقبات.
وتقول مارتينا شيفر المعلمة المخضرمة في معهد غوته في برلين: “عندما يقول شخصٌ ما `أوه لكن لدى هذا الشخص جَلَداً` (باستخدام ذلك المصطلح) فإن ذلك يعني أن من نتحدث عنه في موقف عصيب دائما.. وكذلك أنه لا يعمل بشكل نشطٍ للغاية لحل المشكلة، بل يبقى ببساطة – بدلاً من ذلك – منتظراً وآملاً في أن تحل المشكلة نفسها”.
وتقول شيفر إن هذا المصطلح شائع الاستخدام في نقاشات الحياة اليومية بقدر شيوعه في وسائل الإعلام، وفي الحوارات التي تجري باللغة الألمانية الفصحى أو التي تُوصف بالرسمية.
كما أنه غالباً ما يستخدم لوصف المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، التي تُعرف بتحفظها السياسي وقدرتها على ضبط النفس على هذا الصعيد، وذلك في ضوء أن هذه المفردة يمكن أن تعني كذلك “الانتظار لرؤية ماذا سيحدث قبل اتخاذ قرارٍ بالإقدام على أي فعل”.
وفي حقيقة الأمر، كشفت عملية بحثٍ عن التقارير الإخبارية المتعلقة بميركل من تلك التي تتضمن هذا المصطلح، عن وجود عددٍ لا حصر له من الأمثلة في ذلك الشأن.
كما يُستخدم المصطلح نفسه لوصف قدرة المرء على التحلي بالصبر اللازم لتحمل حضور حدثٍ أو عرضٍ فنيٍ ما يستمر لفترةٍ طويلةٍ. ومن بين الأمثلة في هذا الشأن، مقالٌ نُشِرَ مؤخراً وتناول أحدث أجزاء سلسلة أفلام “حرب النجوم”.
إذ أشار المقال من خلال استخدام هذا المصطلح إلى أن الفيلم بمدته البالغة 152 دقيقةً “يشكل بالقطع ضغطاً على مقدرة مشاهد السينما العادي على التحمل”.
وفي ضوء كل ذلك، كيف يمكنك البدء في غرس بعضٍ من هذه الصفة في نفسك؟
هنا يقول روبرت هوغان، وهو باحثٌ زميلٌ في جمعية علم النفس الصناعي والتنظيمي بالولايات المتحدة، إن الخطوة الأولى على هذا الطريق تتمثل في أن تقر بحاجتك إلى الاهتمام بذاك الأمر وبذل جهودٍ بشأنه في المقام الأول، وأن تكون لديك الرغبة في تحسين قدراتك على ذلك الصعيد.
ويضيف هوغان قائلاً: “يحتاج الموظفون إلى إدراك أن إنتاجيتهم أقل مما يجب قبل أن يتمكنوا من العمل على زيادتها” مُشيراً إلى أنهم قد يستوعبون هذه الحقيقة نتيجة “ردود الفعل التي تصل إليهم من مديريهم أو أقرانهم، أو من (نتائج) تقييمٍ نفسيٍ كفءٍ. بعد ذلك، يحتاج الموظفون ذوو الإنتاجية التي تقل عما هو متوقع، إلى أن يولوا اهتمامهم” لهذا الأمر.
من جهةٍ أخرى، فبالرغم من أن الصفة التي يشير إليها هذا المصطلح لا تزال تُعد بشكلٍ عامٍ سمةً إيجابيةً، ويعد افتقار شخص ما إليها مؤشراً على نقصٍ في قدراته المهنية، فإن ثمة إمكانيةً لأن تنطوي هذه المفردة على الكثير من المعاني والدلالات المختلفة إذا ما كنا نتحدث في بيئة عمل تتسم بأنها أكثر مرونة، ولم يعد العاملون فيها مقيدين بمواعيد ثابتةٍ يومياً.
فبحسب جويس، يوسع ذاك المصطلح من نطاق المعاني التي ينطوي عليها في مثل هذه البيئة. ويضيف بالقول إنه “يكتسب مغزى إيجابياً، ويشير بصورةٍ إيجابيةٍ إلى إحساسٍ بالقدرة على التحمل وأن يكون المرء جديراً بالثقة، لا أن يكون دائم الانتقال بسرعة من مكانٍ إلى أخر”.
لكن هذا المحاضر المخضرم في اللغة الألمانية لا يغفل أن يشير إلى أن ثمة شكوكاً باتت تكتنف مدى ملائمة هذه المفردة لطبيعة عالمنا اليوم.
أما هوغان فقد شدد على أنه لا يهم ما إذا كنا نستخدم هذا المصطلح للإشارة إلى إنسانٍ يعكف على أداء عمله وهو جالسٌ في مكتبه، أو خلال أدائه المهمة نفسها من مكانٍ آخر وتبعاً لنظام ساعات عملٍ أكثر مرونة.
وبرأي هوغان، سيظل بوسعنا استخدام مفردة “sitzfleisch” لوصف من يتحلى بالصفات التي تنطوي عليها، بغض النظر عن المكان الذي يؤدون منه عملهم. ويقول في هذا الشأن: “من يركزون في عملهم ويعملون بجد واجتهاد سيكونون على هذه الشاكلة حيثما كانوا”.