يحتفل المسلمون حول العالم بذكرى ميلاد خير البشر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وبالرغم من ان هناك بعض الفتاوى بتحريم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وانه بدعة، الا انه في الاصل لا تحريم الا بدليل من القرآن الكريم او السنة النبوية الشريفة.
وهناك بعضا من المسلمين من يعتبرون أي احتفاء أو أي اهتمام بالمناسبات الإسلامية، أو بالهجرة النبوية، أو بالإسراء والمعراج، أو بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، أو بغزوة بدر الكبرى، أو بفتح مكة، أو بأي حدث من أحداث سيرة محمد صلى الله عليه وسلم؛ يعتبرونه بدعة في الدين، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وهذا ليس بصحيح على إطلاقه، إنما الذي ننكره في هذه الأشياء الاحتفالات التي تخالطها المنكرات، وتخالطها مخالفات شرعية وأشياء ما أنزل الله بها من سلطان، كما يحدث في بعض البلاد في المولد النبوي وفي الموالد التي يقيمونها للأولياء والصالحين.
ولكن إذا انتهزنا هذه الفرصة للتذكير بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبشخصية هذا النبي العظيم، وبرسالته العامة الخالدة التي جعلها الله رحمة للعالمين، فأي بدعة في هذا وأية ضلالة؟
والعجيب ان بعض انظمة هذه الدول الاسلامية التي تحرم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، تجدهم يحتفلون بذكرى تأسيس الدولة واليوم الوطني وذكرى جلوس الملك على العرش وذكرى تولى ولي العهد، وغيرها من امور عجيبة!، ما انزل الله بها من سلطان.
حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف؟
إننا حينما نتحدث عن ميلاد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، نُذكِّر الناس بنعمة عظيمة، والتذكير بالنعم مشروع ومحمود ومطلوب، والله تعالى أمرنا بذلك في كتابه الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا). (الأحزاب:9-10)، يُذكِّر بغزوة الخندق أو غزوة الأحزاب، حينما غزت قريش وغطفان وأحابيشهما النبي عليه الصلاة والسلام والمسلمين في عقر دارهم، وأحاطوا بالمدينة إحاطة السوار بالمعصم، وأرادوا إبادة المسلمين واستئصال شأفتهم، وأنقذهم الله من هذه الورطة، وأرسل عليهم ريحا وجنودا لم يرها الناس من الملائكة.
وفي آية أخرى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ). (المائدة:11)، يُذكِّرهم بما كان يهود بني قينقاع قد عزموا عليه أن يغتالوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكروا مكرهم وكادوا كيدهم وكان مكر الله أقوى منهم وأسرع، (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ). (الأنفال:30).
إذن ذِكر النعمة مطلوب، نتذكر نعم الله في هذا، ونُذكِّر المسلمين بهذه الأحداث وما فيها من عبر وما يستخلص منها من دروس، أيعاب هذا؟ أيكون هذا بدعة وضلالة؟!
وهناك عددا من العلماء الذين افتوا بجواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، لما في ذلك من ذكرى وتذكرة باخلاق وسيرة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومن بين هؤلاء العلماء، الشيخ العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، رحمه الله، والدكتور عمر عبدالكافي، والشيخ سلامة عبدالقوي، وغيرهم.