فيس بوك في مهب الريح مع تزايد دعوات حذف الحسابات – يبدو أن موجة الجدل العالمي ستتصاعد بشأن دور موقع فيس بوك في اقتحام خصوصية ملايين المستخدمين لتحقيق مصالح تجارية وسياسية، وحتى بعد اعتراف رئيسه التنفيذي مارك زوكربيرغ بارتكاب الأخطاء، فمن الصعب التنبؤ بما ستؤول إليه الأمور وسط دعوات لمحاكمة الشركة وهجر الموقع.
وفي مقال له بصحيفة واشنطن بوست، يستشهد الكاتب إي جي ديون جونيور برواية “الـ480” الصادرة عام 1964، والتي كانت الأكثر مبيعا، حيث تخيل الروائي يوجين بورديك شركة توظف بيانات خاصة بـ480 فئة من الناخبين، مصنفة وفقا للخصائص الديمغرافية، لتحقيق الفوز بانتخابات الرئاسة، وهو الأمر الذي يبدو أن الواقع قد تجاوزه اليوم، وفقا لديون.
ويضيف الكاتب تحت عنوان “نعم، يجب أن نشعر بالغضب تجاه فيس بوك” أنه لطالما كانت هناك مخاوف من التلاعب بالناخبين عبر الوصول إلى بياناتهم، لكن القدرات المتاحة لمواقع التواصل الاجتماعي غير مسبوقة في التاريخ، حيث يمكنها رصد وتوثيق كمية هائلة من المعلومات الشخصية المتعلقة بأدق التفاصيل التي يمنحها المستخدمون طواعية.
ويرى ديون أنه يحق للأميركيين الغضب تجاه شركة فيسبوك التي لم تبلّغ خمسين مليون شخص بأن بياناتهم قد تم توظيفها في الانتخابات، مشيرا إلى التحرك الذي يبديه أعضاء في مجلس الشيوخ لاستجواب زوكربيرغ، على اعتبار أن اعترافه بالخطأ ليس كافيا وأن عليه أن يفعل ما هو أكثر بكثير.
ويقول الكاتب أيضا إنه ينبغي أن نقرر متى يجب اعتبار مواقع التواصل مجرد مواقع خدمية عامة، ومتى تكون مسؤولة عن صحة “المعلومات” التي تساهم في نشرها؟ كما ينبغي أن نحسم موقفنا عندما تصطدم المصلحة العامة بمساعي مواقع التواصل لتحقيق الأرباح.
زوكربيرغ وعد بإجراء تغييرات جذرية للحؤول دون تكرار الأخطاء (رويترز-أرشيف)
دعوة للتريث
في الوقت نفسه، يقدم فريق التحرير في الصحيفة نفسها رأيا أكثر تريثا، ويطالب القراء بعدم التسرع في الحكم على فيسبوك، معتبرا أن جوهر مواقع التواصل الاجتماعي هو مشاركة المعلومات، ما يعني -حسب الصحيفة- أن الذين يدخلون في هذه المنظومة لا ينبغي لهم أن يصدموا فجأة عند تبادل معلوماتهم الشخصية.
وتستدرك “واشنطن بوست” بالقول إن ما يريده المستخدمون هو الشفافية، حتى لا يتحول العالم الرقمي إلى “دولة مراقبة خفية”، وتطالب المستخدمين في الوقت نفسه بأن يكونوا “واقعيين”.
وترى الصحيفة أنه يحق لمواقع التواصل العملاقة أن تبقى كما هي وسيلة لتشارك المعلومات بين مليارات البشر، لكن الحل يكمن -في رأي المحررين- بتطبيق القواعد بشكل صحيح.