يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله الحرام المحرم، وهذا اليوم الذي نجى الله موسى وبني إسرائيل من الغرق، وغرق فيه فرعون.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يصوم يوم عاشوراء، ويرغب الناس في صيامه؛ لأنه يوم نجا الله فيه موسى وقومه وأهلك فيه فرعون وقومه، فيستحب لكل مسلم ومسلمة صيام هذا اليوم شكرًا لله عز وجل، وهو اليوم العاشر من محرم، ويستحب أن يصوم قبله يومًا أو بعده يومًا؛ مخالفة لليهود في ذلك، وإن صام الثلاثة جميعًا التاسع والعاشر والحادي عشر فلا بأس؛ لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خالفوا اليهود صوموا يومًا قبله ويومًا بعده)، وفي رواية أخرى: (صوموا يومًا قبله أو يومًا بعده).
فضل صيام يوم عاشوراء
صيام يوم عاشوراء يكفر السنة الماضية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ). رواه مسلم.
وهذا من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة والله ذو الفضل العظيم.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم عاشوراء؛ لما له من المكانة، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ. رواه البخاري.
ومعنى “يتحرى” أي يقصد صومه لتحصيل ثوابه والرغبة فيه.
ما هي الذنوب التي يكفرها صوم عاشوراء؟
تكفير الذنوب الحاصل بصيام يوم عاشوراء المراد به الصغائر، أما الكبائر فتحتاج إلى توبة خاصة.
صيام يوم عاشوراء منفردا
صيام عاشوراء منفردا جائز، ذلك أنه لم يرد نهي عن صيامه منفردا، وإنما جاء ما يدل على استحباب صوم التاسع معه أو التاسع والحادي عشر، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، قال: فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع، قال فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. صحيح مسلم.
وفي نيل الأوطار: والظاهر أن الأحوط صوم ثلاثة أيام: التاسع والعاشر والحادي عشر، فيكون صوم عاشوراء على ثلاث مراتب: الأولى صوم العاشر وحده، والثانية صوم التاسع معه، والثالثة صوم الحادي عشر معهما.
سبب صوم النبي صلى الله عليه وسلم ليوم عاشوراء
وأما سبب صوم النبي صلى الله عليه وسلم ليوم عاشوراء وحث الناس على صومه فهو ما رواه البخاري، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.
قوله: ( هذا يوم صالح ) في رواية مسلم هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرّق فرعون وقومه.
قوله: ( فصامه موسى ) زاد مسلم في روايته شكراً لله تعالى فنحن نصومه.
وفي رواية للبخاري ونحن نصومه تعظيما له.
قوله: ( وأمر بصيامه ) وفي رواية للبخاري أيضا: فقال لأصحابه أنتم أحق بموسى منهم فصوموا.
الحذر من بدع عاشوراء
ينبغي على المسلم أن يحذر من البدع الشائعة في يوم عاشوراء، فقد سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عما يفعله الناس في يوم عاشوراء من الكحل، والاغتسال، والحناء والمصافحة، وطبخ الحبوب وإظهار السرور، وغير ذلك، هل لذلك أصلٌ؟ أم لا؟.
فأجاب في كتابه مجموع الفتاوى: الحمد لله رب العالمين، لم يرد في شيءٍ من ذلك حديثٌ صحيحٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، ولا استحب ذلك أحدٌ من أئمة المسلمين لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم، ولا روى أهل الكتب المعتمدة في ذلك شيئا، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة، ولا التابعين، لا صحيحا ولا ضعيفا، ولكن روى بعض المتأخرين في ذلك أحاديث مثل ما رووا أن من اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد من ذلك العام، ومن اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام، وأمثال ذلك. ورووا في حديثٍ موضوعٍ مكذوبٍ على النبي صلى الله عليه وسلم: أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر السنة. ورواية هذا كله عن النبي صلى الله عليه وسلم كذبٌ.