اخبار ليل ونهار. امريكا تتجمد.. مشاهد غير مسبوقة. في وسط أزمة كورونا التي تضرب العالم وخاصة امريكا، تضرب الولايات الامريكية عاصفة ثلجية نادرة، حيث تسببت عاصفة شتوية ضخمة تجتاح جنوبي الولايات المتحدة في انقطاع الكهرباء ومياه الشرب عن ملايين السكان.

وقالت هيئة الأرصاد الجوية الوطنية إن تكساس تعاني ذروة العاصفة، وحذرت أكثر من 100 مليون أمريكي من الطقس البارد.

 

وتوقعت الهيئة أن يستمر الانخفاض التاريخي في درجات الحرارة لأيام، وأن تغطي الثلوج أكثر من 70 في المئة من الولايات المتحدة.

وحذر مسؤولون بولاية تكساس الأميركية من سلسة كوارث وسط كارثة الطقس البارد التاريخي الذي ترك الملايين دون تدفئة او كهرباء، وطلبوا من السكان الاستعداد لعدم عودة إمدادات الطاقة حتى مطلع الأسبوع.

انخفاض تاريخي للحرارة

ويعاني الملايين في تكساس، التي نادرا ما تتعرض لهذا المعدل المنخفض من الحرارة، في مواجهة نقص الطاقة والظروف الباردة.

وانخفضت درجات الحرارة في تكساس لأدنى مستوى منذ أكثر من 30 عاما، ووصلت في بعض المناطق إلى 22 درجة مئوية تحت الصفر.

ولا تُصمم المنازل في الولاية بطريقة العزل لمواجهة الطقس البارد، وهو ما يعني أن درجات الحرارة بداخلها تنخفض بسرعة إلى التجمد بعد فشل أو توقف أنظمة التدفئة. كما أن الأنابيب المتجمدة انفجرت رغم محاولات بعض أصحاب المنازل عزلها عن البرد باستخدام البطانيات.

وأدت الطرق المغطاة بالثلوج إلى سلسلة من حوادث المرور، ونصحت السلطات الناس بتجنب التنقل بقدر الإمكان.

وشهدت ولاية تكساس حالات انقطاع للتيار الكهربائي على نطاق واسع، وذلك تحت وطأة زيادة الطلب على شبكة الطاقة.

وأثار انقطاع التيار الكهربائي غضب العديد من المسؤولين والسكان.

وقال المسؤولون إن إمدادات الطاقة لا تزال مقطوعة عن 2.7 مليون أسرة. وفي ظل توقعات باستمرار الطقس المتجمد، ستكون استعادة التيار عملية بطيئة نظرا لأن الولاية فقدت 40 بالمئة من طاقة توليد الكهرباء مع تجمد آبار وخطوط الغاز الطبيعي وتوربينات الرياح.

وواجه الملايين من السكان ظروفا غاية في السوء، نتيجة عدم وجود مصادر تدفئة لدى انقطاع التيار الكهربائي وصعوبة الحصول على إمدادت وقود.

وقال مواطن امريكي عبر موقع تويتر: “أنا في هيوستن، تكساس أتجمد حتى الموت. لا كهرباء ولا تدفئة ولا ماء. لدي أربعة أطفال. كيف يحدث هذا الآن؟”.

وقال مواطن آخر إن صديقا له من تكساس لجأ إلى “حرق الأثاث في المدفأة” لتوفير التدفئة.

وتوفي حوالي 24 شخصا بسبب البرد الشديد. ويقول مسؤولون إنهم يشتبهون في وفاة كثيرين آخرين، لكن لم يتم اكتشاف جثثهم بعد.

شملت حالات الوفاة المسجلة جراء العاصفة أشخاصا ماتوا في حوادث مرور، بالإضافة إلى بعض الذين أصيبوا بتسمم بأول أكسيد الكربون بسبب تشغيل محركات السيارات والمولدات الكهربائية في أماكن مغلقة للتدفئة، كما اصيب المئات بتسمم بأول أكسيد الكربون.

ومات أربعة أشخاص على الأقل إثر حريق بمنزل فى هيوستن، قال مسؤولون إنه اندلع بسبب إشعال شموع.

وقالت الشرطة إنها عثرت على جثتي رجلين بجانب طريق سريع في هيوستن يُعتقد أنهما لقيا حتفهما بسبب البرد.

في حين، أعلن الرئيس جو بايدن حالة الطوارئ وقرر إرسال مساعدات اتحادية لتكساس حيث تراوحت الحرارة بين درجتين تحت الصفر و22 درجة تحت الصفر.

امريكا تعود للعصور الوسطى

قال مسؤولون، إن السلطات طلبت من السكان في أكثر من 100 مقاطعة في تكساس غلي مياه الشرب، في ظل استمرار انقطاع إمدادات الطاقة عن محطات المعالجة.

وتعطلت إمدادات مياه الشرب بالصنابير تماما أو بشكل متقطع، لأكثر من 12 مليون شخص في الولاية، ثاني أكبر الولايات الأمريكية حيث يبلغ عدد سكانها نحو 29 مليون نسمة.

كما أبلغ المسؤولون سكان المناطق الأكثر كثافة سكانية في الولاية، بالاستعداد لموجة جديدة من الأمطار وتساقط الثلوج خلال 24 ساعة.

ودفع الطقس البارد بعض السكان إلى الاختيار بين البقاء في منازل باردة ومظلمة أو مواجهة التعرض المحتمل لعدوى كوفيد-19 في مراكز الإغاثة المحلية.

كما أجبرت موجة البرد مراكز التطعيم ضد فيروس كورونا على إغلاق أبوابها لعدة أيام، وأعاقت تسليم جرعات اللقاحات في عدد من الولايات. كما سارعت بعض المراكز لاستخدام اللقاحات التي لم يعد من الممكن تبريدها بدرجة الحرارة المطلوبة لانقطاع الكهرباء.

خبراء يحذرون الولايات المتحدة من المزيد من العواصف المميتة

حذر خبراء من عواصف “مميتة” قادمة ستضرب الولايات المتحدة الأمريكية، في الوقت الذي تكافح فيه تكساس موجة من البرد القارس تسببت بانقطاع الكهرباء والمياه عن ملايين السكان.

وقال خبراء الطقس أنه كان الأجدر بالمسؤولين أن يتعاملوا مع الطقس البارد بشكل أفضل، خصوصا أنهم فشلوا في فعل ما يكفي للاستعداد له، مما شكل خطرا كبيرا على المواطنين، بعد أن أدى هبوط درجات الحرارة في تكساس إلى زيادة الطلب على الكهرباء مما أجبر شركة تشغيل شبكة الكهرباء بالولاية على قطع الكهرباء بشكل متناوب.

وفي تكساس، حيث تعتبر طاقة الرياح مصدرا متناميا للكهرباء، فإن توربينات الرياح بشكل عام غير مجهزة لتحمل درجات الحرارة المنخفضة لمدة طويلة، كما هو الحال في ولاية أيوا وغيرها من الولايات ذات الطقس البارد.

وقال روي ماكان، أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة أركنساس، إن تعديل التوربينات بشكل طفيف لتحمل درجات الحرارة المتجمدة هي إحدى الخطوات اللازمة لمواجهة تغير المناخ.

وقالت مصلحة الأرصاد الجوية الوطنية الأمريكية، إنه تم في يوم 16 فبراير من العام الحالي، تم تسجيل أدنى درجات حرارة في 21 مدينة في الولايات المتحدة، وذلك منذ بدء تسجيل درجات الحرارة.

وأضافت الأرصاد الجوية الأمريكية، في بيان، أن درجة حرارة الجو انخفضت في بعض المدن الامريكية الى 35 درجة مئوية تحت الصفر.

وربط علماء تغير المناخ بحدوث عدد متزايد من ظواهر الطقس القاسية في شتى أنحاء العالم، بما في ذلك الأعاصير وموجات الحر والفيضانات.