لغز ضابط المخابرات السعودي الهارب الى كندا

اخبار ليل ونهار. لغز ضابط المخابرات السعودي الهارب الى كندا. يقيم في كندا منذ فترة وبحوزته أسرار ومعلومات حساسة عن العائلة الحاكمة في المملكة العربية السعودية، مما جعله هدفا لحملة تشويه متواصلة في وسائل الإعلام التابعة لنظام آل سعود.

إنه ضابط الاستخبارات سعد الجبري الذي عمل لفترة مساعدا ومستشارا لولي العهد المعزول الأمير محمد بن نايف.

إنه ضابط الاستخبارات السعودي، الذي يعلم مكان جثة الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي تخلص منه بن سلمان، داخل القنصلية السعودية في تركيا.

ولأكثر من مرة حاول ولي العهد الحالي بن سلمان استدراج سعد الجبري للعودة إلى السعودية، وعندما لم تنفع معه الإغراءات المادية بدأ الضغط عليه من خلال مضايقة أفراد عائلته في السعودية وفق شهادات وتقارير.

لغز ضابط المخابرات السعودي الهارب الى كندا
لغز ضابط المخابرات السعودي الهارب الى كندا

 

وقد كشف تقرير حصري لرويترز، الى ان هناك حالة استياء شديد من تصرفات ولي العهد بن سلمان، من جانب النخبة السعودية وافراد من العائلة المالكة.

وفي تقرير رويترز، قال دبلوماسي أجنبي كبير وخمسة مصادر تربطها علاقات مع العائلة المالكة ونخبة رجال الأعمال، بعدما طلبوا جميعا عدم نشر أسمائهم، إن هناك قلقا وسط عائلة آل سعود، والتي يبلغ عدد أفرادها حوالي عشرة آلاف، بشأن قدرة ولي العهد على قيادة البلاد.

وقال ضابط الاستخبارات الأميركي السابق جلين كارل إن إصرار بن سلمان على استعادة المسؤول الكبير السابق بالاستخبارات السعودية، والموجود حاليا في كندا، سعد الجبري، يندرج ضمن مساعي تأمين العرش لمحمد بن سلمان.

وأوضح كارل أن الجبري يشكل تهديدا مباشرا لولي العهد السعودي محمد بن سلمان بسبب علاقته الوثيقة بولي العهد السابق محمد بن نايف.

وقد نشرت صحيفة وول ستريت الأمريكية تقريرا منذ ايام، يكشف تفاصيل جديدة من قصة ضابط المخابرات السعودي السابق سعد الجبري.

في مستهل المقال، تتحدث الصحيفة الأمريكية عن مساعي السلطات السعودية إلى محاكمة الجبري بتهمة “إهدار نحو 11 مليار دولار من أموال الدولة” .

وأكد التحقيق أن بن سلمان حاول استدراج الجبري إلى تركيا، لكنه رفض بشدة، ومع فشل السلطات السعودية في هذا الامر، اصدرت مذكرة توقيف بحقه وابلغت الإنتربول للقبض عليه، مع سجن اثنين من أبنائه في شهر مارس الماضي، في محاولة للضغط عليه.

عمل سعد الجبري، الحائز على شهادة دكتوراة في هندسة الكومبيوتر والذكاء الاصطناعي من جامعة أدنبرة باسكتلندا، في وزارة الداخلية السعودية نحو اربعين عاما حتى حصل على رتبة لواء.

ويقول مسؤول استخبارات غربي إن “الجبري طور جهود مكافحة الإرهاب السعودي، بتحويلها من نظام تقليدي يعتمد على طريقة انتزاع الاعتراف بالعنف، إلى نظام حديث يعتمد على تقنيات الكمبيوتر لجمع البيانات”.

ولعب الجبري أدوارا رئيسية في العديد من الملفات الأمنية الحساسة، أهمها الحرب ضد تنظيم القاعدة.

كما كشفت البرقيات الدبلوماسية التي نشرتها ويكيليكس عن أنه كان له دورا هاما أيضاً في ملفات خارجية كالحرب في العراق واليمن.

لماذا يصر بن سلمان على عودته؟

تقول صحيفة وول ستريت إنها “حصلت على معلومات من مصادر أميركية وأوروبية، تفيد بوجود تحقيقات سعودية مع معاوني الجبري لاستخدامهم أموال الدولة لأغراض متنوعة، مثل دفع أموال لرؤساء أجانب مثل الرئيس السوداني المخلوع، عمر البشير”.

ولا ينفي مساعدو الجابري، بحسب التحقيقات، تحويل هذه الأموال، لكنهم يقولون إن ذلك تم في إطار أعمال حكومية وبمباركة وزارة الداخلية.

ورفض متحدث باسم الحكومة السعودية التعليق على “التحقيقات القائمة”، بحسب ما جاء في التقرير الصحفي.

كما لم يعلق نجل الجبري الناشط على تويتر على المعلومات التي أوردتها الصحيفة الأمريكية.

وقد سارع مغردون وسياسيون سعوديون للتعليق على تقرير الصحيفة الأمريكية، لتقديم اراءهم لما وصفوها بـ”لعبة صراع العروش ” في المملكة.

فقد شغل التقرير حيزا واسعا من تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدر قائمة المواضيع الأكثر بحثا على جوجل في البلاد.

وقد كشف عددا من النشطاء السعوديين المقيمين بالخارج، أن الضابط السابق ضحية للصراع بين ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف ومحمد بن سلمان على الحكم.

لذا يفترض سيساسون ومعارضون سعوديين أن ولي العهد الحالي يسعى إلى إجبار الجبري للعودة إلى المملكة لأنه يخشى ترك شخص مثله لديه الكثير من المعلومات السرية في الخارج.

ويقول هؤلاء إن عمل الجبري السابق في وزارة الداخلية جعل منه كنزا من الأسرار، ويدعمون كلامهم بتقارير صحفية واستخباراتية غربية حول الجبري.

لم يعلن الجبري معارضته لبن سلمان بشكل علني، لكنه كان اليد اليمنى لمنافسه ولي العهد السابق محمد بن نايف.

لذلك يعتقد مسؤولون سابقون في أجهزة استخبارات غربية أن محمد بن سلمان لا يزال يرى فيه تهديدا لشرعيته.

وفي تصريح صحفي، يقول جيرالد مايكل فيرستين، نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن، والذي تعامل مع الجابري أثناء عمله سفيرًا للولايات المتحدة في اليمن، إن الجبري “كان مطلعا على عديد من القضايا الحساسة، حتى أنه يكاد يعرف المكان الذي دفنت فيه الجثث”.

ومنذ عام 2017 توارى الجبري عن الأنظار في كندا والتزم الصمت، إلا أنه كسر عزلته مؤخرا ليتحدث لوسائل الإعلام عن اعتقال ابنه وابنته.

ويقول نجله الدكتور خالد، الذي يعيش أيضا في كندا، إن “والده يعيش في خوف ويخشى على حياته”، مضيفا بأنه “يتعرض لضغوط متزايدة من قبل السلطات السعودية”.

وخلال الساعات الأخيرة شنت حسابات موالية للسلطة في السعودية حملة على تويتر تضمنت اتهامات بالفساد لسعد الجبري.

كما انتشر هاشتاج بعنوان”#فساد_سعد_الجبري” عبر موقع تويتر رأى كثيرون أنه “مدعوم من السلطات السعودية” وممن يسمونهم بـ”الذباب الإلكتروني”.

ونشر عشرات المدونين تغريدات تهاجم الجبري عبر وسم “#فساد سعد الجبري” والذي تصدر قائمة التداول بالمملكة.

وشاركت في الحملة وسائل إعلام سعودية تابعة لنظام بن سلمان، بينها صحيفة عكاظ، و”سبق”، و”العربية” وغيرها.

واستشهدت الصحف بتقرير في صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، والذي اتهم الجبري وأسرته بالاستيلاء على مليار دولار.

وكانت السلطات السعودية قد احتجزت عددا كبيرا من الأمراء والوزراء وكبار رجال الأعمال في عام 2017 ، في إطار ما وصفت بـ”حملة مكافحة الفساد”، وعقدت صفقات تلاها إطلاق سراحهم قدرت بمئات المليارات من الدولارات.

وقد وصف ولي العهد السعودي تلك الحملة بأنها “علاج بالصدمة” لإصلاح الاقتصاد، إلا أن منتقديه يقولون إن الحملة بمثابة استعراض للقوة ومحاولة للتخلص للمنافسين السياسيين لولي العهد الشاب.