حكم صيد الحمام والطيور بالبندقية واكلها بدون ذبح

اخبار ليل ونهار. حكم صيد الحمام والطيور بالبندقية واكلها بدون ذبح. البعض يقوم بصيد الحمام والعصافير بالبندقية ويأكلها بدون ذبح، فهل ذلك يجوز ام لا ؟

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل الطيور التي نرميها بالبندقية وتموت حلال أم لا؟ حيث إن بعض الطيور التي نرميها نجدها قد ماتت قبل أن نسمي عليها؟
فأجاب : “نعم إذا رميت بالبندقية صيودا من طيور أو غيرها كالأرانب والظباء وسميت الله على ذلك حين إطلاق السهم فإنها تكون حلالا ، ولو وجدتها ميتة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل) وقال : (إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله عليه فكل) لكن إن كانت حية حياةً مستقرة تزيد على حركة المذبوح وجب عليك أن تذبحها وتسمي الله عند ذبحها ، فإن لم تفعل وماتت صارت حراماً عليك ، ولكن يجب التنبه إلى التسمية عند إطلاق السهم ، لأنك إذا لم تسمِ الله حرم عليك الأكل ، ولو كنت ناسياً ، لقول النبي عليه الصلاة والسلام : (ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل) ولقوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) ” انتهى من “فتاوى نور على الدرب”.

كما أن الصيد بالكلب ونحوه من الجوارح المعلمة وكذا الصيد بالبندقية ونحوها كل هذا يعتبر من الصيد الشرعي، وذلك لقوله تعالى: (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ). {المائدة:4}.

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : هل يكفي أن أقول باسم الله والله أكبر عندما أدخل الطلقة في البندقية عند الصيد ، أم يجب ذكر اسم الله عند إطلاق زناد البندقية ؟
فأجاب : “الواجب ذكر اسم الله عند الرمي ، ولا يكفي ذكر ذلك عند إدخال الطلقة في البندقية ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (وإن رميت سهمك فاذكر اسم الله) متفق على صحته من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه واللفظ لمسلم ” انتهى من “فتاوى الشيخ ابن باز” (23/91).

ويقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر ـ رحمه الله ـ في كتابه أحسن الكلام في الفتوى والأحكام:

روى البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم أنه سأل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال : فإني أَرْمِي بالمعراض الصيد فأصيد.قال: إذا رميت بالمعراض فَخَزَقَ فكل، وما أصاب بعَرْضِه فلا تأكل.

والمعراض قيل: هو السهم الذي لا ريش له ولا نصل.

وقيل: هو خشبة ثقيلة آخرها عصا محدد رأسها وقد لا يُحدَّد، واختاره النووي تبعًا لعياض.

وقال ابن التين: المعراض عصا في طرفها حديدة يَرمِي بها الصائد، فما أصاب بحدِّه فهو ذكي فيؤكل، وما أصاب بغير حده فهو وقيذ.. وخَزَقَ أي نفذ…وجاء بلفظ وخسق أي خدش …

وروى البخاري ومسلم أيضًا عن عبد الله بن المُغَفَّل أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن الحذف، وقال: (إنها لا تَصيد صيدًا ولا تنكأ عدوًا، ولكنها تَكسر السن وتفقأ العين) الخَذْف أي الرمي بحصاة أو نواة بواسطة المخذفة وهي كالمقلاع .

وروى أحمد عن عدي أيضًا أنه قال: يا رسول الله، إنا قوم نرمي، فما يَحل لنا؟ قال: (يحل ما ذكيتم، وما ذكرتم الله عليه وخزقتكم فكلوا منه) .

وروى أحمد مرسلاً عن عدي عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : “ولا تأكل من البندقة إلا ما ذكيت”، والبندقة تُتخذ من طين وتيبس .

نستنتج من هذه الأحاديث ما يأتي :

1 ـ إذا أدرك المصيد حيًا حياة مستقرة وذبح فهو حلال بالاتفاق واشتراط التسمية أو عدم اشتراطها عند الذبح فيه خلاف بين الفقهاء، وهو يكون في الصيد المذبوح وفي غير الصيد .

2 ـ إذا مات الصيد قبل أن يُذبح، وكان موته بشيء محدَّد كالسهم الذي يجرح أو يخترق فهو حلال، واشترط بعضهم التسمية ولم يشترطْها بعضهم عند إطلاق السهم .

3 ـ إذا مات الصيد قبل أن يُذبح وإن موته بشيء غير محدد أي لم يجرح ولم ينفذ كالحجر والبندقة فإن الجمهور يقول بحرمته، وعن الأوزاعي وغيره من فقهاء الشام أنه يحل مطلقًا كل صيد، سواء أكان بمحدد أم بغير محدد، ولكن النصوص تشهد لقول الجمهور .

والرَّصاص الذي يُطلق من البنادق والمسدسات هل يُعد كالسهم فيَحِل صيده؟ رأي جماعة أنه كالسهم؛ لأنه يخترق جسم الصيد وينفذ منه بل هو أشد منه. وعلى هذا فيحل الصيد به، ورأى آخر ليس محددًا جارحًا كالسكين والسهم بل يقتل الصيد بثقله الشديد، وعلى هذا فلا يحل أكله .

وأختار أن الصيد بالرصاص يحل أكل ما صيد به، والأحوط أن يذكر اسم الله عند إطلاق الرصاص خروجًا من خلاف من أوجبه.

والله أعلم.