تفسير الاحلام ومس الجن والحسد.. حقيقة ام وهم ؟

اخبار ليل ونهار. كثيرا ما نجد برامج تفسير الاحلام والرؤى، بل وبرامج تناقش مس الجن بالانسان، وأصبح الشغل الشاغل لكثير من الناس، فقد ربطوا مصالحهم الدينية والدنيوية وحتى الأخروية بها ارتباطاً مباشراً، فكل بلاء يحدث، أو يقع لهم من قريب أو بعيد، فيكون مرده عندهم دون تردد: إما معيون، أو محسود، أو مسه جني. أما تعبير الرؤى فحدِّث عنه ولا حرج، فقد أصبح التعلق بهذا الموضوع واضحاً وجلياً عبر وسائل الإعلام المختلفة.

وفي الحقيقة أن الأمر إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، فقد ربط كثير من الناس حياتهم بتعبير الرؤى والأحلام، والتي هي في غالبها أوهام وأضغاث أحلام، بدل أن يقوموا بالعمل والإنتاج، والسعي إلى عودة الأمة إلى سابق عهدها ومجدها التليد.

وتجد الواحد من هؤلاء كلما يحدث له أمر معين، سواء كان إخفاقاً أو تُعرضاً لمشكلة معينة يربطه بالعين والحسد والسحر وما شابه ذلك، وهذا الوهم الذي يقع فيه كثير من الناس مخالف للتوجيهات الشرعية التي تؤكد حسن التوكل على الله تعالى، واليقين بما عنده، وأن ما أصابه من خير، أو شر هو بقدر الله تعالى وقضائه.

وهذه الموضوعات إذا نظرنا لها من الجانب الشرعي، فهناك شواهد شرعية من القرآن الكريم أو من السنة النبوية تشير إلى إمكانية وقوعها على الإنسان، ولكن في حدود ومواضع معينة، وبعلم الله تعالى وقدرته، قال تعالى: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51].

وفي عبارة جميلة للداعية الكويتي الدكتور محمد العوضي يقول: في تاريخنا الإسلامي لم يكن هناك إلا ستة مفسرين للأحلام، أما اليوم ففي كل منطقة عشرة مفسرين، لقـد كثرت الأحـلام في أيامنا… هـل هذا لأننا أمة نائمة؟!!

تفسير الاحلام ومس الجن والحسد.. حقيقة ام وهم ؟

وهناك ملاحظات حول هذا الموضوع، ومن أبرزها ما يلي:

1- مبالغة بعض الناس في هذه الموضوعات، فهم بين إفراط وتفريط.

2- أصبح هذا التعلق الكبير موضع سخرية من بعض غير المسلمين، ومن أبناء بعض المسلمين.

3- انشغال الناس عن الأعمال المهمة، وأصبح تعلقهم وشغلهم الشاغل الذهاب إلى المعالجين من العين والسحر والجن ومعبري الرؤى.

4- استغلال ضعاف النفوس هذا التعلق للكسب المادي السريع بطرق مخالفة للشريعة الإسلامية.

ويجب على المسلم ان يكثر من ذكر الله تعالى والدعاء، وقراءة القرآن الكريم واذكار الصباح والمساء، وآية الكرسي والمعوذتين، ففي ذلك الكفاية لحفظ الانسان من شرور الانس والجان.

وينبغي على المسلم أن يحرر عقله من هذه أوهام الاحلام والمس، ويجعلها في سياقها الذي حدده الشارع الحكيم من غير إفراط أو تفريط، ولنتفرغ للعمل والاجتهاد في إنجاز أعمالنا ونستعن بالله تعالى ولا نعجز، فهو حسبنا ونعم الوكيل.

الحسد والعين

الحسد مرض خبيث، يفتك بالجماعة فيفرقها، ويذكي نار الحقد والغيظ والعداوة في النفوس.

وقد وصف آثاره النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث عن الزبير بن العوام، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دبَّ إليكم داء الأمم: الحسد، والبغضاء، هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين».

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التحاسد في أكثر من حديث فقال:«.. ولا تحاسدوا..».

وإذا كان هذا وضع الحسد، فإنه لا يمكن أن يجد له مكانًا في قلب المؤمن.

ذلك أن التضاد قائم بين الإيمان الذي هو خلاصة الخير، وبين الحسد الذي هو ثمرة الشر.

وهذا ما قرر الحديث الشريف.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يجتمعان في قلب عبد: الإيمان والحسد».

وقد طلب من المسلم أن يتعوذ من شر الحاسد، قال تعالى: ﴿ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾.

وإذًا فلا بد للمسلم من أن يطهر قلبه من الحسد، حتى يكون متأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وان ينشغل بما ينفعه.