الصوم ركن من أركان الإسلام الخمس، حيث قال عز من قائل: (( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) )) سورة البقرة الآية 183.
وكما جاء فى الحديث الشريف : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان ) رواه البخاري ومسلم.
ووجوب فريضة على المسلم لا يمنعه مانع من أدائها فى أي مكان على ظهر الأرض، يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ( جعلت لىّ الأرض مسجداً وطهوراً ) متفق عليه، وأداء المسلم لفرائض ربه سبحانه وتعالى تجب فى أي مكان لايمنعه أحد، وخاصة بعد نزول قول الله تعالى: (( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا )) سورة الفتح الآية 1. وقوله تعالى: (( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3) )) سورة النصر، فأصبح المسلم حراً فى أداء شعائر الإسلام فى أي مكان على الأرض.
والمسلم الذى يعيش فى دولة أجنبية تتعدد أمامه الفتن والمغريات والمفاسد أكثر من المسلم الذي يعيش فى دولة إسلامية، وعلى سبيل المثال حيث يرى المسلم الصائم فى بلاد الكفر الناس حوله يتناولون الطعام والشراب والمسكرات، وهذا الأمر يزيد من صعوبة الصيام وسط هؤلاء البشر لكنه يتحمل هذا الأمر فى سبيل طاعة الله عز وجل، وعليه أن يصبر ويحتسب كل ذلك عند المولى جل جلاله ويتأكد أن الله مع الصابرين، بعكس الأمر فى الدول الإسلامية حيث يكون الجميع صائم والباقى ممسك عن الطعام والشراب، وهذه نعمة كبيرة من نعم المولى سبحانه وتعالى أن جعلنا مسلمين ومن حولنا مسلمين.
وأيضاً من الأشياء التى يراها المسلم الصائم فى بلاد الكفر كثرة المفاتن والعرى والفسق والمجون فى كل مكان يتجه إليه بصره، ويجب عليه الإستعانة بالله سبحانه وتعالى وأن يعلم أن الله تعالى مطلع عليه فى كل وقت ومكان، وأن يضع دائماً هذه الآية الكريمة أمام عينيه: (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) )) سورة الطلاق الآيات 2 – 3.
وأيضاً يجب وجود صحبة صالحة يندمج معها وينشغل بأمورها، وذلك والحمد لله تعالى متوافر فى كل مكان حيث هناك الجاليات الإسلامية القوية فى جميع الدول الغربية، لذلك يجب عليه الحرص كل الحرص من البحث عن هؤلاء فى مكان سكنه وعمله، وأيضاً كثرة الإرتباط بالمساجد والمراكز الإسلامية من خلال الإنتظام فى الصلاة وحضور المحاضرات الدينية، وذلك عكس الحال فى الدول الإسلامية حيث هناك والحمد لله تعالى المسلمين الصالحين فى كل مكان مما ييسر طاعة المولى عز وجل، وتلك نعمة لا يشعر بها معظم المسلمين إلا عند الإغتراب فى الدول الأجنبية.
أيضاً من المصاعب والتحديات التى تواجه المسلم المغترب أن مواعيد عمله قد لا تتناسب مع مواعيد وظروف شهر رمضان الكريم من إفطار وقيام ليل وتهجد وسحور، مما يجعله لا يشعر بشهر رمضان المبارك، ولكنه مع ذلك يستطيع فعل كل ذلك فى أي مكان بكل سهولة وهذا من تيسير رب العالمين لعباده المسلمين.
وأيضاً هذا يدفعنا أن نشكر الله سبحانه وتعالى على أننا نفطر ونصلى ونتسحر مع ووسط أهلنا من المسلمين.
ويجب على المسلم أن يتذكر دائماً أن الله سبحانه وتعالى يراه أينما كان وأنه سبحانه يفرح ويحب عبده إذا وجده فيما يرضيه، ويغضب إذا وجد عبده فيما لا يرضيه.
وهناك بعض الأدعية التى أحب أن أذكرها للمسلم المغترب:
(( رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ )) سورة آل عمران الآية 8.
( اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلبي على دينك ).
وأخر دعونا الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وسلم.
بقلم فضيلة الشيخ: إبراهيم سيد نصير، رحمه الله.