لماذا لم يتزوج اشهر ائمة الاسلام: ابن تيمية والطبري والنووي وغيرهم ؟

اخبار ليل ونهار. لماذا لم يتزوج اشهر ائمة الاسلام: ابن تيمية والطبري والنووي وغيرهم ؟. شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام الطبري والإمام النووي – عليهم جميعًا رحمة الله – هم نموذج من نماذج العلماء العزاب الذين لم يتزوجوا، وهو رقم (حقيقة) ليس سهلاً أو بسيطًا، وإنما هناك أعداد كبيرة من علماء المسلمين لم يتزوجوا فعلاً، وهناك كتب في هذا، في حصر أسمائهم وذكر أسباب عدم ارتباطهم أو زواجهم، ويرجع السبب في ذلك كله إلى رغبة هؤلاء العلماء في التفرغ لطلب العلم الشرعي، ولبذل مزيد من العبادة لله سبحانه وتعالى.

فهؤلاء لاحظوا في أنفسهم أنهم إن تزوجوا سيُشغلون بهذا الارتباط وبالأولاد عن أمر يرونه أسمى وأجل من الزواج، خاصة وأنهم يرون أن الزواج ليس واجبًا، وإنما الزواج سنّة، كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم -: (النكاح من سنتي، فمن رغب عن سنتي فليس مني)، وكما هو معلوم ان السنة ليست كالفرض، فالزواج يكون فرض عين في حال الشخص الذي يخاف على نفسه من الوقوع في الفاحشة، وليس لديه القدرة على الصبر، وإذا لم يتزوج سيقع يقينًا في الحرام، ففي تلك الحالة يُصبح الزواج في حقه فريضة.

أما إذا كان الإنسان قادرًا على كبح جماح نفسه وقادرًا على الصبر، وقادرًا على غض بصره وتحصين فرجه، فإن الزواج يُصبح في حقه نافلة، وهذا هو الذي كان عليه هؤلاء العلماء وأمثالهم، فهم كانوا يتمتعون بصحة ووفرة بدنية عظيمة، فيما روي عن الإمام الطبري أنه وثب وثبة عظيمة وكان على رأس الثمانين من عمره، لم يكن صغيرًا، وإنما كان كبيرًا، ورغم ذلك عندما عُوتب في ذلك قال: (هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر).

إذًا هؤلاء كان تأويلهم للزواج على أنه سنة وليس على أنه فريضة، فإنه يكون فريضة في بعض الأحيان، ويكون مستحبًا في بعض الأحيان، بل ويكون مكروهًا في بعض الأحيان، وقد يكون حرامًا أيضًا، فالزواج شأنه شأن أي تكليف من التكاليف الشرعية، تعتريه الأحكام التكليفية الخمسة التي وردت (الحرمة والوجوب والندب والإباحة والكراهية) ولذلك هؤلاء روأ في أنفسهم أن تفرغهم لطلب العلم الشرعي وتعليمه للناس أفضل من حظ شهواتهم، ومن هنا صرفوا النظر عن هذا الموضوع وانشغلوا فعلاً بما هو أولى من وجهة نظرهم.

ولذلك تجد أن شيخ الإسلام ابن تيمية – عليه رحمة الله تعالى – ترك للأمة كمًّا هائلاً من العلوم والمعارف لعله لم يُسبق إليه ولم يأتِ بعده من استطاع أن يصل إلى ما وصل إليه، وقد ذكر بعض المؤرخين أن الإمام ابن تيمية كتب للمسلمين ستة آلاف كتاب!.

كذلك الإمام النووي – عليه رحمة الله تعالى – ألفَّ كتبًا عظيمة بالرغم من أنه مات في الخامسة والأربعين من عمره، أيضًا ترك مكتبة عامرة، قد لا تجد في الشافعية كلهم من وصل إلى هذا المستوى من القدرة على التأليف والنظر في المسائل والترجيحات وغير ذلك، وكذلك الإمام الطبري.

فهؤلاء الأعلام الكبار الذين تفرغوا (حقيقة) للعلم قدموا لنا تراثًا هائلاً وكمًّا هائلاً من العلوم والمعارف، قد لا تتيسر لغيرهم ممن كانت له ارتباطات عامة كسائر المسلمين.

إذًا: هؤلاء لم يكن لديهم عوز جنسي أصلاً، وإنما كانت الفكرة والنظرة في حكم النكاح على أنه نافلة وليس فريضة، وأن التعلم والتعليم أفضل درجة عند الله تبارك وتعالى منه، فهم قدموا هذا على ذاك.

نسأل الله أن يجزيهم عنا وعن المسلمين خير الجزاء، وأن يوفقنا لطاعته ورضاه، وأن يعيننا على أن نقدم لديننا ولو شيئًا بسيطًا مما قدموا.