طبيب ياباني يكتشف معجزة الصيام في الالتهام الذاتي

فاز العالم الياباني يوشينوري أوسومي بجائزة نوبل لاكتشافاته في آليات الالتهام الذاتي. وأدت اكتشافاته إلى زيادة فهم أفضل لبعض الأمراض، مثل الشلل الرعاش والخرف.

يقول ديفيد روبنزتين، أستاذ علم الوراثة العصبية الجزيئية في جامعة كامبريدج ومعهد أبحاث الخرف في بريطانيا: “بالتأكيد، تشير أدلة التجارب التي أجريت على الفئران إمكانية ذلك”.

وأضاف: “هناك أبحاث نجحت في تحفيز الالتهام الذاتي باستخدام الوسائل الوراثية والعقاقير أو الصيام، وفي تلك الحالات، عاشت الحيوانات في الغالب فترة أطول وظهر تحسن ملحوظ على شكلها الخارجي”.

وتابع: “على سبيل المثال، في الفئران مثلا ترى آثار الصيام على الدماغ خلال 24 ساعة، وفي بعض المناطق للجسم، مثل الكبد، تكون الآثار أسرع ظهورا. وعلى الرغم من أننا نعلم أن الصيام مفيد، لا نعرف، حتى الآن، تحديدا كم من الوقت سيحتاجه الإنسان في الصيام لرؤية فوائد العملية”.

واكتشف الالتهام الذاتي للخلايا لأول مرة في فترة الستينيات، لكن أهميته الرئيسية لم تحدد إلا بعدما بدأ يوشينوري أوسومي أبحاثه في التسعينيات.

وقال روبنزتين: “ما اكتشفناه هو أن الالتهام الذاتي يقي من أمراض مثل الشلل الرعاش وضمور خلايا الدماغ وبعض أشكال الخرف”.

وأضاف: “يبدو أنها عملية مفيدة في سياق الحديث عن الحد من العدوى، إضافة إلى الوقاية من الالتهابات المفرطة”.

وتشير كتب الأنظمة الغذائية إلى أن العملية يمكن “تحفيزها” من خلال تغييرات في أنظمة الغذاء وأنماط الحياة، مثل الصيام.

ومنذ ذلك الوقت، تسابقت شركات الأدوية والأكاديميون لإيجاد عقاقير من شأنها تحفيز عملية “الالتهام الذاتي”. والتحق خبراء التغذية والصحة البدنية بالركب، قائلين إنه يمكن تحفيز العملية طبيعيا من خلال الصيام والتمارين الرياضية المكثفة والحد من الكربوهيدرات.

ومؤخرا، ذكرت تقارير أن شركة جديدة في الولايات المتحدة، يطلق عليها “كاسما ثيرابيوتكس”، حصلت على 58.5 مليون دولار لتطوير أدوية جديدة لتحفيز الالتهام الذاتي وتعزيزه.

طبيب ياباني يكتشف معجزة الصيام في الالتهام الذاتي

فوائد الصيام المذهلة

قال استشاري الجراحة العامة والأورام يحيى غنيم إن العديد من الجامعات الغربية درست أثر الصيام والرياضة الخفيفة على جهاز المناعة وصحة الإنسان وفوجئت بالنتائج.

وأضاف أن جامعة جنوب كاليفورنيا أجرت بحثًا عن أثر صيام 3 أيام من كل شهر على صحة الإنسان لمدة 6 أشهر.

وأشار إلى أن النتائج التي نشرها البروفيسور فولتر لونغو المشرف على الدراسة خرجت بنظرية 8-16 أي الصيام 16 ساعة والإفطار 8 ساعات.

وأشارت النتائج إلى أنه بعد صيام 3 أيام تحدث 3 أشياء:

تصدر تعليمات للجهاز المناعي بالتهام كل الخلايا الهَرِمة والتالفة في جسم الإنسان.
تصدر تعليمات أخرى بإنتاج خلايا دم بيضاء ذات كفاءة أعلى وعمر أطول.
تصدر تعليمات للخلايا الجذعية -أهم خلايا في جهاز المناعة- بإنتاج خلايا جديدة تقوم بوظيفة جديدة أفضل من الوظائف السابقة.

وأوضح استشاري الأورام أن الألمان في جامعة برلين طوروا الأمر ودرسوا أثر الصيام لمدة 3 أيام كل شهر ولكن هذه المرة على مدار سنة كاملة وأضافوا إليها: الهدوء النفسي (المصاحب لصيام المسلمين مثل عدم الغضب)، وممارسة الرياضة الخفيفة (الممثلة عند الصائمين في صلاة التراويح).

وجاءت النتائج على النحو التالي:

تغيرات شكلية ومعملية: انخفاض مستوى السمنة وضغط الدم والدهون والسكري في الدم.
تغيرات في بينة الشخص نفسه: يحدث تحسن عام وتقليل آلام المفاصل والعمود الفقري.
تغيرات مناعية: زيادة كفاءة الجهاز المناعي لجسم الإنسان.

وأضاف أن العالم الياباني يوشينوري أوسومي الحاصل على جائزة نوبل عام 2016، أشار في بحثه إلى أثر الصيام على صحة الإنسان إلى نظرية (الالتهام الذاتي).

الصيام وتقوية المناعة

عندما يجوع الجسم فإن خلايا الجهاز المناعي تلتهم الخلايا الضارة والسمّية والدهنية والخلايا المناعية القديمة المتهالكة، وتنشط الجهاز المناعي.

واختتم استشاري الأورام حديثه بالقول إنه وفقا لتلك الأبحاث وغيرها فإن للصيام أثر عظيم في تقوية جهاز المناعة وبالتالي محاربة العديد من الأمراض كالسرطان وأمراض عدم الاتزان والشلل الرعاش وألزهايمر وحتى الشيخوخة.

وتلعب تقوية الجهاز المناعي دورا أساسيا في توفير الحماية التي يحتاجها الجسم لمقاومة الأمراض والأوبئة والحماية منها ومن بينها فيروس كورونا.

لكن على الرغم من كل هذه الفوائد فإنه يجب على كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة الصيام تحت إشراف الطبيب.

ويضع أحد الكتب الجديدة، الصادر بعنوان “غلو 15” للكاتبة نعومي ويتيل، برنامجا من 15 يوما يتضمن الصيام لـ 16 ساعة لثلاث مرات أسبوعيا، والتقليل من البروتين في بعض الأيام، وتناول الكربوهيدرات في وقت متأخر من اليوم، إضافة إلى تمارين رياضية مكثفة.

وتقول الكاتبة إن الاختبارات الأساسية للبرنامج التي أجريت على متطوعين في جامعة جاكسونفيل في فلوريدا أشارت إلى وجود عدد من الفوائد.

وتضيف: “بعض الناس فقدوا ما يقرب من سبعة أرطال في 15 يوما، وظهر على آخرين تحسن وانخفاض في عدد خطوط التجاعيد، إضافة إلى تغييرات في مستويات ضغط الدم، وتحسن في كتلة العضلات الهزيلة”.

ويقول روبنزتين إنه لن يضرك إي من هذه التوصيات التي أجريتها على حياتك.

ويعرب روبنزتين عن تفاؤله بشأن فوائد الالتهام الذاتي المستقبلية في علاج الأمراض.

واكتشف مختبر روبنزتين أن البروتينات تتشكل في الكتل الصغيرة للخلايا العصبية عند المصابين بأمراض ألزهايمر والشلل الرعاش.

وأضاف أستاذ الوراثة العصبية الجزيئية: “اكتشفنا أنه إذا قمت بتحفيز عملية الالتهام الذاتي، فستختفي تلك البروتينات بسرعة، وستقي من بعض الأمراض العصبية، مثل ضمور خلايا الدماغ وأشكال الخرف”.

ويأمل روبنزتين في أن تتوفر يوما ما العقاقير الملائمة لتحفيز الالتهام الذاتي وتعزيزه.