عمل يسير وسهل للجميع، بمقابل كبير وعظيم، فقد جاء الفضل العظيم في خواتيم سورة البقرة، انها كفايةٌ وحماية، وعطاءٌ وهداية.
فعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَرَأَ بالآيتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورةِ البقَرةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ)؛ أفاد هذا الحديث فوائد عِدة:
– فضل هاتين الآيتين لِما اشتملتا على الإيمان بالله ورسوله وملائكته وكُتبه واليوم الآخر، ورفع الحرج والمشقة، وطلب العفو والمغفرة والرحمة.
– أن قراءتهما من أوراد الليل خاصة، وليستا من أوراد المساء والصباح والنوم.
– أن الليل يدخل بغروب الشمس، فمتى قرأها الإنسان من أول الليل أو أوسطه أو آخره حصل له ذلك، وكلما بادر بالقراءة حتى ولو بعد غروب الشمس مباشرة كان أفضل وأكمل في الكفاية والحماية.
– لما كان الليل لانتشار الشياطين وفساد المفسدين جعل الله للعبد ما يحفظ به نفسه وداره وأهل بيته.
– أنهما كفاية ودرعٌ وحفظٌ وعناية واختُلِف في هذه الكفاية، والصحيح الأعم ما ذكره ابن حجر والنووي وابن القيم العَلم؛ أن الصحيح كفتاه من شرّ ما يؤذيه، فهما من الأوراد المتينة التي تمنع الأذى والشر، والإفساد والضرر، وتُعوِّذ العبد من كل سوء، فهما حفظٌ للعبد من كل مكروه وعينٍ وسحرٍ وضرر ومصيبةٍ وآفةٍ وشيطانٍ مؤذٍ وسوءٍ وشرّ، فتحفظان العبد من شياطين الإنس والجن، وتقيانه من مُضلات الشرور والفتن، وربنا تعالى يقول: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ)[الزمر:36].
ولفظ رسول الله عامٌ في قوله: “كَفَتَاهُ”، فيشمل ما يضر في دين العبد ودنياه.
فضل قراءة خواتيم سورة البقرة
ذكر العلماء في المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: “كفتاه” أقوالا عديدة، منها:
أجزأتاه عن قيام الليل، كفتاه من قراءة القرآن.
وقيل: تغنيانه عن طلب الأجر فيما سواهما.
وقيل: كفتاه شر الشيطان، وقيل: شر الجن والإنس.
وقيل: كفتاه من كل شر، وينام ليلته آمنا مطمئنا بإذن الله.
والله جل وعلا هو أكرم الأكرمين؛ وعطاؤه بغير حساب، فلله درّ من يغتنمون هذا الخير، ويبثونه في بيوتهم، ويلقنون هاتين الآيتين الكريمتين لصغارهم فيما يلقنونه لهم؛ مع تربية ربانية على اليقين والتوكل وحسن الصلة بالمولى عز وجل.
ومن فضلهما ايضا: أنهما من خصائص نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة، وأنهما نورٌ وبركة، وخصائص هذه الأمة؛ ففي مسلم عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده جبريل إذ سمع نقيضًا فوقه، فرفع جبريل بصره إلى السماء، فقال: “هذا بابٌ قد فُتِح من السماء ما فُتِح قط، قال: فنزل منه ملك فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أبشر بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبيٌّ قبلك: فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، ولن تقرأ حرفًا منهما إلا أوتيته”.