عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قَال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا ، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) .. شاهد الفيديو :
وعد الله مَن استغفره أن يغفر له سبحانه وتعالى: قال الله تعالى: { {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} } [طه: 82]. وتأمَّل يا أخي، لقد أكد الكلام بإن، واللام، ثم خصَّ ذلك بذاته سبحانه، فقال: “وَإِنِّي”، ولم يقُل جلَّ شأنه: “وإني لغافر”، بل قال “غفَّار”، ليدلَّ على عظيمِ عفوِه، وواسع مغفرتِه.
الاستغفار سببٌ لسَعَة الرزق، ونزول المطر، وكثرة المال: قال الله تعالى: { {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} } [هود: 3]. قال العلماء: { {يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا }؛ أي: يُمتِّعْكم بالمنافع من سَعَة الرزق ورَغَد العيش، والعافية في الدنيا، ولا يستأصِلْكم بالعذاب كما فعَل بمَن أهلَك قبلكم إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، وهو وقت وفاتكم. وقال نوح عليه السلام: { {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} } [نوح: 10 – 12].
الاستغفار سبب لدخول الجنة: قال الله سبحانه: { {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} } [آل عمران: 135، 136]؛ فالصالحون يخطئون، لكنهم يبادرون بالاستغفار والتوبة، فأعقَبَهم الله بكثرة استغفارهم جنات النعيم.
مَن لزم الاستغفار سرَّته صحيفتُه يوم القيامة: هنيئًا لِمَن داوم على الاستغفار، فجاء يوم القيامة قد ذهبت سيئاتُه هباءً، وتضاعَفَتْ حسناتُه وعظُمَت، فعن عبدِالله بن بُسْر رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (( «طُوبَى لِمَن وَجَد في صحيفته استغفارًا كثيرًا» ))؛ أخرجه ابن ماجه بسند حسن. وعن الزُّبَير بن العوَّام رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (( «مَن أحبَّ أن تَسُرَّه صحيفتُه، فليُكثِر فيها مِن الاستغفار» )).
الاستغفار يُنقِّي القلبَ ويُطهِّره: إن الاستغفارَ يُنقِّي القلب مِن ظُلُمات المعاصي والذنوب؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن العبد إذا أخطأ خطيئةً نُكِتَت في قلبه نكتةٌ سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه، وإن عاد زِيدَ فيها حتى تعلوَ قلبَه، وهو الران الذي ذكر الله: { {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} } [المطففين: 14].