دعاء ليلة القدر – ليلة القدر من أفضل النعم التي وهبنا الله إياها وهي فضل لا يوازيه فضل ومنة لا يقابلها شكر.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه»، وقيامها إنما هو إحياؤها بالتهجد فيها، والصلاة، وقد أمر عائشة بالدعاء فيها أيضًا، قال سفيان الثوري: الدعاء في تلك الليلة أحب إليّ من الصلاة، قال: وإذا كان يقرأ، وهو يدعو، ويرغب إلى الله في الدعاء والمسألة، لعله يوافق.
ومراده أن كثرة الدعاء أفضل من الصلاة التي لا يكثر فيها الدعاء، وإن قرأ ودعا كان حسنًا، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد في ليالي رمضان، ويقرأ قراءة مرتلة: لا يمر بآية فيها رحمة إلا سأل، ولا بآية فيها عذاب إلا تعوذ، فيجمع بين الصلاة، والقراءة، والدعاء، والتفكر، وهذا أفضل الأعمال، وأكملها في ليالي العشر وغيرها.
قال ابن عثيمين: هذه أيضًا من أوقات الإجابة: عشية عرفة، وليلة القدر، وهي خير من ألف شهر، وهي كغيرها من الليالي بالنسبة للإجابة، أي أن آخر الليل فيها وقت إجابة، وهي خير من ألف شهر بالدعاء فيها، وفي بالبركة التي تحصل بها، كما قال تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة).
وقد سميت الليلة بهذا الاسم، لأن الله تعالى يقدّر فيها الأرزاق والآجال، وحوادث العالم كلها، فيكتب فيها الأحياء والأموات، والناجون والهالكون، والسعداء والأشقياء، والحاج والداج، والعزيز والذليل، والجدب والقمط، وكل ما أراده الله تعالى في تلك السنة، ثم يدفع ذلك إلى الملائكة لتتمثله، كما قال تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (الدخان:4) وهو التقدير السنوي، والتقدير الخاص، أما التقدير العام فهو متقدم على خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة كما صحت بذلك الأحاديث.
والليالي العشر الأواخر كلها ترتجى فيها ليلة القدر، فيكون الدعاء فيها مشروعًا، ومرجو الإجابة.
دعاء ليلة القدر مكتوب
الدعاء فيها بما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها، قال: (قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني). رواه الترمذي.
يستحب للمسلم في ليلة القدر أن يفعل الآتي:
1-إحياءها بالقيام، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه”
2-الدعاء، وخصوصاً ما ورد به الدليل، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني” رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه.
3-الإكثار من تلاوة القرآن وذكر الله تعالى وغير ذلك من الطاعات، ولا يجب على المرء ختم القرآن في هذه الليلة، ولكن إن أمكنه ختمه فقد حاز أجراً عظيماً إن شاء الله، وأما صلاة الليل فتؤدى مثنى مثنى، كما في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى”
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إحدى عشرة ركعة، كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، وليس هذا تحديداً لا تجوز الزيادة عليه، بل هو مجرد فعل من رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن اقتصر عليه فهو أفضل، ومن زاد فلا حرج عليه.
فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يصلون عشرين ركعة على عهد عمر وعثمان وعلي، قال الترمذي: وأكثر أهل العلم على ما روي عن عمر وعلي وغيرهما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عشرين ركعة، فهو قول الثوري وابن المبارك والشافعي، وقال: هكذا أدركت الناس بمكة يصلون عشرين ركعة”
والله أعلم.