الدوخة كثير منا يصاب بها و يشكو منها دون ان يعلم سبب محدد لها ويطلبون الاستشارة الطبية في هذا الشان. و من المهم ان نعرف اولا اسباب الدوخة ومصدرها.. من اجل تحديد العلاج الانسب.
بالعادة، ترتفع نسبة الذين يشكون من الدوار في اوساط المسنين الذين تجاوزوا الـ 60 عاما. لكننا نود ان نشدد في بداية هذه المقالة، على ان الدوخة ليست مرضا، وانما احد الاعراض المرضية التي تستوجب فحص مصدرها.
تعود اسباب الدوخة لخلل في منظومة التوازن في الجسم. ضمن هذه المنظومة، يتواجد الدماغ، الذي يستقبل المعلومات اللازمة لتثبيت الجسم وموازنته، من عدة مصادر، اهمها اعضاء منظومة التوازن الموجودة في الاذن الباطنة، والتي توصل المعلومات عن مكان وجود الراس في الحيز وتحركاته، والعينان اللتان تريان وضع الراس في الحيز، وخط الافق، ومجموعة المستقبلات الموجودة على طول العمود الفقري، والتي تنقل الاحاسيس من الاطراف.
يمكن لاي ضرر قد يلحق باحد هذه الاجهزة ان يؤدي الى الشعور بالدوار وعدم التوازن. لكن يعود مصدر 40 – 60 % من الحالات الى منظومة التوازن في الاذن. ويمكن لمسببات اخرى لهذه الاعراض ان تنجم عن مصدر في جهاز الاعصاب، كالجلطة الدماغية، الشقيقة (Migrane)، تصلب الانسجة العصبية وغيرها. كذلك يمكن للمصدر ان يكون طبيا مثل اضطراب مستوى السكر في الدم، او اضطراب نظم القلب. كما يمكن ان تكون اسباب الدوخة نفسية – اجتماعية.
ان تشخيص اسباب الدوخة ليس امرا سهلا، ويتطلب معرفة منظومة التوازن وتنوع الشكاوى والتشخيصات المختلفة فيها. في بداية عملية التشخيص، يستوضح الطبيب من خلال المريض كل ما يتعلق بالشكوى الاساسية بالتفصيل. سمات الدوخة، المدة الزمنية التي يستغرقها، متى يتفاقم، وما الذي يخفف من وقعه، مدى تردده، كيفية ابتدائه وسلوكه.
يشكل هذا الاستجواب والاستيضاح جزءا كبيرا وحاسما في عملية التشخيص. بالاضافة لذلك، يتم اجراء فحص جسدي للجهاز العصبي. احيانا تقتضي الحاجة استخدام فحوص مساعدة مثل تخطيط كهربية الراراة (ENG – electronistagmografía)، فحوص لمنظومة التوازن، فحص سمع، فحص دم والتصوير.
مع ذلك، لا بد من الاشارة الى ان هذه الفحوص الموضوعية تفحص جزءا من منظومة التوازن فقط، بينما تتم غالبية مراحل التشخيص خلال المقابلة الاولى بين المريض والطبيب.
في بعض الاحيان، تكون نتائج هذه الفحوص طبيعية وسليمة. لكن وفقا للتشخيص المكتسب من خلال السجل الطبي والفحص الجسدي للمريض، يمكن البدء بعملية العلاج.
يمكننا تقسيم انواع الدوار الذي يعود مصدره الى عضو التوازن في الاذن الباطنة الى عدة اقسام، اهمها:
الدوار الناتج عن ضرر اساسي في عضو التوازن، والذي يخل بدوره، بالتزامن بينه وبين عضو التوازن في الاذن الاخرى. مثال على ذلك، مرض شائع يدعى فيرتيجو (Vertigo او باللغة الطبية vestibular neuritis).
ينتج هذا المرض عن عدوى فيروسية تصيب عضو او عصب التوازن، ويؤدي الى حالة دوار قد تستمر عدة ايام، من بعدها يبدا الشعور بالتحسن حتى يتبقى في النهاية شعور بعدم التوازن او بدوار بسيط. يعتبر هذا المرض شائعا لدى الصغار والكبار على حد سواء. في بعض الاحيان، لا يختفي المرض بشكل تام، وفي احيان اخرى يختفي ثم يعاود الظهور مجددا.
الدوار الناتج عن اطلاق جسيمات صغيرة في منظومة التوازن: تؤدي هذه الجسيمات الى دوار شديد، غالبا عند تغيير الوضعية. مثلا دوار الوضعية الانتيابي الحميد (BPPV).
الدوار الناتج عن امراض اخرى، كداء منيير (Ménière) الدوار سمعي المنشا، والذي يمتاز بنوبات دوار دائرية تستغرق ما بين نصف ساعة وعدة ساعات. ويرافقها تراجع حاسة السمع في الاذن المصابة، ضجيج، واحيانا شعور بالضيق.
يختلف علاج الدوار بين مجموعات الامراض المختلفة:
في بعض الاحيان لا يتم اصلاح الوضع بالشكل المطلوب. ويعود ذلك الى اسباب عديدة منها: التعب، القلق والجهد. في مثل هذه الحالات، تقتضي الحاجة اللجوء الى العلاج النفسي. في بعض الحالات، يقوم المعالجون بالدمج بين العلاج الحركي، التغذية، الادوية ووسائل اخرى.
خلاصة الموضوع: ان اسباب الدوخة لا تكون واضحة دائما بالنسبة للمريض الذي يعاني منه، ولا حتى للطبيب المعالج احيانا. فعدم توفر وسائل تشخيصية موضوعية يزيد من صعوبة عملية تحديد مصدر المعاناة، ويزيد من اهمية التشخيص الاولي الذي يقوم به الطبيب.
من الممكن ان يؤدي عدم التوصل الى تشخيص صحيح – وبالتالي استمرار حدوث الدوار- الى حالات من القلق والى تفاقم العامل النفسي – الاجتماعي للمشكلة وقد يكون التوجه لطلب الاستشارة الطبية من الاطباء المختصين بمشاكل الدوار امرا ناجحا في تشخيص الحالة بشكل صحيح ودقيق والقدرة على معالجتها.